أَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (وَقَوْلُهُ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ فِي زَمَانِنَا) ، الْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ لُزُومُ قِيمَتِهَا فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَوَاجِهَا وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) .
مَثَلًا: لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ نُحَاسِيًّا عِنْدَمَا كَانَتْ مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا رَائِجَةً بِدِينَارِ ذَهَبٍ عُثْمَانِيٍّ وَاسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ كَسَدَتْ الدَّرَاهِمُ النُّحَاسِيَّةُ فَعَلَى رَأْي الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ الْمُسْتَقْرِضُ مَجْبُورًا بِأَنْ يُؤَدِّيَ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ عُثْمَانِيَّةً أَوْ رِيَالَاتٍ فِضِّيَّةً بِمُوجِبِ الْحِسَابِ الْمَذْكُورِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ خَمْسِينَ رِيَالًا أَثْنَاءَ مَا كَانَ الرِّيَالُ رَائِجًا وَقَبَضَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ كَسَدَ فَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ أَدَاءُ قِيمَةِ الرِّيَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ يَوْمَ قَبْضِهَا ذَهَبًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ مِثْلَ الرِّيَالِ الْكَاسِدِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي نَوْعٍ فِي الْكَسَادِ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ - لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ وَانْقَطَعَ مِثْلُهُ بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ وَقَبْلَ الْأَدَاءِ أَيْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فِي الْأَسْوَاقِ فَإِذَا تَرَاضَى الْمُقْرِضُ وَالْمُسْتَقْرِضُ عَلَى قِيمَتِهِ وَتَقَابَضَا فِي مَجْلِسِ التَّرَاضِي فَبِهَا وَإِلَّا يَكُونُ الْمُقْرِضُ مَجْبُورًا عَلَى الِانْتِظَارِ حَتَّى يَحْدُثَ وَيُدْرِكَ مِثْلَ الْمَقْرُوضِ بِخِلَافِ الْفُلُوسِ إذَا كَسَدَتْ لِأَنَّ هَذَا مَا لَا يُوجَدُ (التَّنْوِيرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) .
الْمَبْحَثُ الْعَاشِرُ (فِي حَقِّ الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ فِي الْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَفِي تَأْجِيلِ الْقَرْضِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ - يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ فَلِذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَسْتَقْرِضَ لَهُ مِنْ فُلَانٍ كَذَا مَبْلَغًا فَاسْتَقْرَضَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ بِالْإِضَافَةِ لِنَفْسِهِ بِدُونِ أَنْ يُضِيفَهُ لِمُوَكِّلِهِ كَقَوْلِهِ لِلْمُقْرِضِ: (أَقْرِضْنِي دَرَاهِمَ كَذَا) كَانَ الْمَقْرُوضُ لِلْوَكِيلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٠ ٤٦ ١) وَإِنْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ أَضَافَهُ لِنَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ: أَقْرِضْنِي لِفُلَانٍ الْمُرْسِلِ يَصِيرُ مُسْتَقْرِضًا لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ مَا اسْتَقْرَضَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَهُ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ الْمُوَكِّلِ، أَمَّا الرِّسَالَةُ بِالِاسْتِقْرَاضِ فَجَائِزَةٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعْطِنِي كَذَا دِينَارًا قَرْضًا لِلْمُرْسَلِ فُلَانٍ فَأَدَّاهُ فَيَكُونُ الْقَرْضُ لِلْمُرْسَلِ وَلَيْسَ لِلرَّسُولِ، فَعَلَيْهِ: يَجِبُ عَلَى آخِذِ الْقَرْضِ هَذَا أَنْ يُؤَدِّيَهُ لِمُرْسَلِهِ وَلَيْسَ لَهُ تَوْقِيفُهُ لِحِسَابِهِ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ - تَأْجِيلُ الْقَرْضِ بَاطِلٌ سَوَاءٌ عَقَدَ الْقَرْضَ مُؤَجَّلًا أَوْ أَجَّلَ بَعْدَ الْقَرْضِ وَسَوَاءٌ كَانَ التَّأْجِيلُ قَبْلَ اسْتِهْلَاكِ الْقَرْضِ أَوْ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ، وَيَكُونُ الْقَرْضُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مُعَجَّلًا، حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَصَالَحَ أَحَدٌ عَنْ مَبْلَغِ الْأَلْفِ الدِّرْهَمِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْ ذِمَّتِهِ لِآخَرَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٍ لِمُدَّةِ كَذَا فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَالْأَجَلُ بَاطِلٌ. أَمَّا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَيَصِحُّ الْأَجَلُ وَيَكُونُ لَازِمًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute