التَّوْكِيلُ يَتَوَقَّفُ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ فِيهِ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَالْقِسْمَةُ هِيَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا التَّوْكِيلُ (الْخَيْرِيَّةُ) .
وَحَقُّ الْإِجَازَةِ فِي قِسْمَةِ الْفُضُولِيِّ هِيَ لِلْمَقْسُومِ لَهُمْ أَوْ لِوَكِيلِهِمْ أَوْ لِوَرَثَتِهِمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ أَوْ وَصِيِّهِمْ أَوْ لِلْوَصِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِذَا أَجَازَ هَؤُلَاءِ قِسْمَةَ الْفُضُولِيِّ تَكُونُ نَافِذَةً وَلَا يَصِحُّ لَهُمْ رَدُّهَا بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَإِذَا لَمْ يُجِيزُوا تَنْفَسِخُ الْقِسْمَةُ وَلَا تَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ بَعْدَ انْفِسَاخِهَا؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْفَسْخِ بِالْإِجَازَةِ، وَيَسْقُطُ حَقُّ الْإِجَازَةِ بِالْفَسْخِ وَلَا يَعُودُ هَذَا الْحَقُّ بَعْدَ وُقُوعِ ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥١) . مَثَلًا لَوْ تَقَاسَمَ الشُّرَكَاءُ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ وَكَانَ أَحَدُهُمْ غَائِبًا حِينَ الْقِسْمَةِ وَعِنْدَمَا عَلِمَ الْغَائِبُ بِإِجْرَاءِ الْقِسْمَةِ وَإِفْرَازِ حِصَّتِهِ قَالَ: لَا أَرْضَى بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا غَبْنًا فَاحِشًا، فَإِذَا زَرَعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حِصَّتِهِ فَلَا يَكُونُ مُجِيزًا لِلْقِسْمَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِجَازَةِ أَنْ يَكُونَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْقِسْمَةُ أَيْ الْمَالُ الْمَقْسُومُ قَائِمًا فَلِذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَقْسُومُ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ كَمَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ فِي صِحَّةِ إجَازَةِ الْبَيْعِ الْفُضُولِيِّ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) .
فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ فَرَسَانِ مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا فَقَسَّمَ أَحَدُ الْأَجَانِبِ الْفَرَسَيْنِ مَعَ الْحَاضِرِ وَأُخِذَتْ إحْدَاهُمَا حِصَّةً لِلْغَائِبِ ثُمَّ جَاءَ الْغَائِبُ فَأَجَازَ الْقِسْمَةَ وَبَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَتْ الْفَرَسُ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا ضَمَانٌ. أَمَّا إذَا تَلِفَتْ الْفَرَسُ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ وَتَبْقَى الْفَرَسُ الَّتِي فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ مُشْتَرَكَةً وَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْغَائِبُ مُخَيَّرًا فِي حَقِّ الْفَرَسِ التَّالِفِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ - حِصَّتَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِشَرِيكِهِ الْحَاضِرِ (الطُّورِيُّ) . لِأَنَّ حِصَّةَ الْغَائِبِ هِيَ وَدِيعَةٌ فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (١٠٨٧) فَبِإِيدَاعِهِ الْفَرَسَ لِآخَرَ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ.
تَقْسِيمُ الْإِجَازَةِ إلَى قِسْمَيْنِ: يُفْهَمُ مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْإِجَازَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ: (١) الْإِجَازَةُ قَوْلًا، وَيُقَالُ لَهَا: الْإِجَازَةُ صَرَاحَةً.
(٢) الْإِجَازَةُ فِعْلًا، وَيُقَالُ لَهَا: الْإِجَازَةُ دَلَالَةً.
مَثَلًا لَوْ قَسَّمَ أَحَدٌ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا عَلَى الشُّرَكَاءِ فَلَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ وَلَا تَنْفُذُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٣٦٥ و ٣٦٨) .
وَعَطْفُ عِبَارَةِ (نَافِذَةً) عَلَى (جَائِزَةً) هُوَ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ إذْ إنَّ مَعْنَى " لَا يَجُوزُ "، " لَا يَنْفُذُ "، لَكِنْ لَوْ أَجَازَ أَصْحَابُ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي أُجْرِيَتْ قِسْمَتُهُ مِنْ طَرَفِ الْفُضُولِيِّ قَوْلًا أَيْ صَرَاحَةً بِنَحْوِ أَحْسَنْتَ أَوْ أَجَزْنَا هَذِهِ الْقِسْمَةَ، أَوْ تَصَرَّفُوا بِحِصَصِهِمْ الْمُفْرَزَةِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ يَعْنِي بِوَجْهٍ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ كَالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ فَالْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ وَنَافِذَةٌ، وَقَدْ فُسِّرَ بِذَلِكَ تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ تَعْبِيرُ تَصَرُّفِ الْمُلَّاكِ فِي الْمَوَادِّ (٣٠٤، ٣١٢، ٣٣٥، ٣٤٤، ٣٥٩) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute