للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: كَمَا لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ تَغْرِيرٍ فَيَجِبُ أَنْ لَا تُعْتَبَرَ أَيْضًا الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ التَّرَاضِي بَيْنَ الْمُتَقَاسِمِينَ (الطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَصْحَابُ الْمُتُونِ بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَلَطِ وَالْغَبْنِ الْفَاحِشِ الرِّضَائِيَّةُ أَيْضًا وَأَنَّهُ يَجُوزُ إبْطَالُهَا عِنْدَ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّ جَوَازَ شَرْطِ الْقِسْمَةِ وُجُودُ الْمُعَامَلَةِ فِيهَا وَقَدْ عُدَّ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ.

فَلِذَلِكَ قَدْ ذُكِرَتْ الْقِسْمَةُ فِي الْمَجَلَّةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ وَحَيْثُ إنَّ الْمُطْلَقَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (٦٤) فَيُفْهَمُ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَنَتِيجَةُ الْفَتَاوَى بِزِيَادَةٍ) .

وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِسْمَةِ وُجُودُ التَّغْرِيرِ كَمَا فِي الْبَيْعِ.

وَيُحْتَرَزُ بِقَوْلِهِ (الْغَبْنِ الْفَاحِشِ) مِنْ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ، فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمَقْسُومِ لَهُمْ وُجُودَ غَبْنٍ يَسِيرٍ فِي الْقِسْمَةِ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ رِضَاءً أَوْ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٧) فَلِذَلِكَ لَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطُّورِيُّ) .

٢ - إيضَاحُ الْغَلَطِ، يُطْلَقُ عَلَى الِادِّعَاءِ بِوُقُوعِ الْغَلَطِ فِي تَسْلِيمِ الْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ تَسْلِيمُهُ بِمُوجِبِ الْقِسْمَةِ دَعْوَى الْغَلَطِ، وَذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُ الْمَقْسُومِ لَهُمْ بِأَنَّ الْحِصَّةَ الْفُلَانِيَّةَ قَدْ أَصَابَتْهُ حِينَ الْقِسْمَةِ وَقَدْ سُلِّمَتْ سَهْوًا إلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَهَذِهِ الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمِينَ دَعْوَى الْغَلَطِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَقَرَّ الْخَصْمُ بِهَا أَوْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ وَأَثْبَتَهَا الْمُدَّعِي يُحْكَمُ لِلْمُدَّعِي، وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِاعْتِبَارِهِ خَارِجًا، وَإِذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى الْأَخْذِ غَلَطًا مِنْ أَحَدٍ عَلَى آخَرَ بَعْدَ تَمَامِ الْقِسْمَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ إذَا وُجِّهَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَأَيٌّ مِنْهُمْ يَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ تُقْسَمُ حِصَّتُهُ وَحِصَّةُ الْمُدَّعِي مَرَّةً ثَانِيَةً؛ لِأَنَّ النُّكُولَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى النَّاكِلِ فَقَطْ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (١٧٤٢ و ١٨٢٠) . (وَالطُّورِيَّ وَالْكَفَوِيَّ وَرَدَّ الْمُحْتَارِ) وَيَجْرِي فِي ذَلِكَ التَّحَالُفِ قَسَمًا كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١١٦٠) .

٣ - إيضَاحُ دَعْوَى تَسْلِيمِ الْحِصَّةِ، تَجُوزُ دَعْوَى تَسْلِيمِ الْحِصَّةِ الْمَقْسُومَةِ، وَذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُ الْمَقْسُومِ لَهُمْ أَنَّهُ أَصَابَهُ مِنْ الْمَقْسُومِ مِنْ مَحِلِّ كَذَا إلَى مَحِلِّ كَذَا وَأَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ ذَلِكَ فَإِذَا كَذَّبَهُ شَرِيكُهُ تَحَالَفَا؛ لِأَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ هُوَ اخْتِلَافٌ عَلَى مَا حَصَلَ بِالْقِسْمَةِ وَهُوَ نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ الْوَارِدِ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (١٧٧٨) .

٤ - إيضَاحُ دَعْوَى الْحُدُودِ: إذَا ادَّعَى زَيْدٌ الْمَقْسُومُ لَهُ قَائِلًا: إنَّ حُدُودَ حِصَّتِي هِيَ كَذَا مُدَّعِيًا عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ عَمْرٍو، وَادَّعَى عَمْرٌو بِأَنَّ حُدُودَ حِصَّتِهِ هِيَ إلَى مَحِلِّ كَذَا مُدَّعِيًا قِسْمًا مِنْ الَّذِي تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ فَأَيٌّ مِنْهُمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ لَهُ، وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْجُزْءِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ الْآخَرِ، وَإِذَا لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ يَجْرِي التَّحَالُفُ كَمَا فِي الْبَيْعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

كَذَلِكَ إذَا اقْتَسَمَ شَرِيكَانِ دَارًا وَبَعْدَ أَنْ أَفْرَزَ كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْغُرْفَةَ الَّتِي فِي يَدِ الْآخَرِ هِيَ مِنْ حِصَّتِهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعِي فَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>