للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى كَوْنِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ مِلْكَهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ بِالشِّرَاءِ يَزُولُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَا يَكُونُ فِي الْقِسْمَةِ الْمَذْكُورَةِ حُكْمٌ عَلَى الْغَيْرِ، كَمَا أَنَّهُمْ لَوْ ادَّعَوْا الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ يُقْسَمُ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَمْ يُقِرُّوا فِي هَذَا الْعَقَارِ مِلْكًا لِلْغَيْرِ فَلَا يُوجَدُ حَالٌ مَانِعٌ لِلْقِسْمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْكِفَايَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا بَيَّنَ الشُّرَكَاءُ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ مَوْرُوثٌ لَهُمْ عَنْ فُلَانٍ فَيُقْسَمُ الْعَقَارُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إذَا أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى وَفَاةِ مُوَرِّثِهِمْ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ وَإِلَّا فَلَا يُقْسَمُ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ هِيَ بَاقِيَةٌ مِلْكًا لِلْمُتَوَفَّى وَتَقْسِيمُ التَّرِكَةِ يَكُونُ حُكْمًا عَلَى الْمُتَوَفَّى بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ وَبِمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ فَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْمُتَوَفَّى بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ التَّرِكَةِ الْبَاقِيَةِ مِلْكِيَّةِ الْمُتَوَفَّى فِيهَا بَلْ يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى بَقَاءِ التَّرِكَةِ مِلْكًا لِلْمُتَوَفَّى قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَنَّهُ يَثْبُتُ حَقُّ الْمُتَوَفَّى فِي زَوَائِدِ التَّرِكَةِ كَالنِّتَاجِ وَالْأَرْبَاحِ إذْ إنَّهُ تُقْضَى دُيُونُ الْمُتَوَفَّى وَتَنْفُذُ وَصَايَاهُ مِنْ الزَّوَائِدِ الْحَاصِلَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَمَّا بَعْدَ التَّقْسِيمِ فَلَا يَبْقَى حَقٌّ لِلْمُتَوَفَّى وَلَا تُقْضَى دُيُونُهُ وَلَا تَنْفُذُ وَصَايَاهُ مِنْ الزَّوَائِدِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَبَعْدَ تَقْرِيرِ دَلِيلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا نُبَيِّنُ الْأَسْئِلَةَ وَالْأَجْوِبَةَ الْوَارِدَةَ عَلَى الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: س (١) - كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ خَصْمٌ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَيْ مُدَّعٍ يَلْزَمُ أَيْضًا مُدَّعًى عَلَيْهِ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (١٦٨٤) فَمَنْ هُوَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَا؟ .

ج - يَكُونُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَكُونُ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ أَخْصَامًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَيْ مُدَّعِينَ، فَيَتَشَكَّلُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ. س (٢) - لَا يُوجَدُ أَوْلَوِيَّةٌ وَرُجْحَانٌ فِي اعْتِبَارِ فُلَانٍ مِنْ الْوَرَثَةِ نَائِبًا عَنْ الْمَيِّتِ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَاعْتِبَارُهُ أَصِيلًا عَنْ نَفْسِهِ وَمُدَّعِيًا فَيُصْبِحُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَجْهُولًا وَالْحُكْمُ غَيْرُ صَحِيحٍ مَعَ الْجَهَالَةِ؟ ج - لِلْقَاضِي الْحُصُولُ عَلَى الْمَقْصُودِ أَنْ يُنَصِّبَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ مُدَّعِيًا وَأَنْ يُنَصِّبَ آخَرَ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَسَبِ وِلَايَتِهِ وَبِنَصْبِ الْقَاضِي تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ.

س (٣) - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١١١٧) أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُقَامُ عَلَى الْمُنْكِرِ وَبِمَا أَنَّ الْوَرَثَةَ مُقِرُّونَ بِوَفَاةِ مُوَرِّثِهِمْ فَيَجِبُ أَنْ لَا تُقَامَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَفَاةِ؟ .

ج - إذَا أَقَرَّ الْخَصْمُ وَكَانَ يُوجَدُ فَائِدَةٌ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ وَلِهَذَا نَظِيرَانِ: أَوَّلُهُمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنِ الْمُتَوَفَّى فَلِلْمُدَّعِي لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ لِيَسْرِي الْحُكْمُ عَلَى الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ غَيْرِ الْمُقِرِّينَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ؛ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَائِدَةُ التَّعْدِيَةِ، كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ فَائِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ مُزَاحَمَةُ الْغُرَمَاءِ.

ثَانِيهِمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الدَّيْنَ فِي مُوَاجَهَةِ وَصِيِّ الْمُتَوَفَّى وَأَقَرَّ الْوَصِيُّ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَيُثْبِتَ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَصِيِّ عَلَى الْغَيْرِ بَاطِلٌ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالطُّورِيُّ) .

أَمَّا إذَا كَانَ الْوَارِثُ حِينَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ حَمْلًا فَصُورَةُ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ قَدْ وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي تَأْلِيفِنَا الْمُسَمَّى بِتَسْهِيلِ الْفَرَائِضِ فَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>