للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيُقَسَّمُ الْعَقَارُ وَلَوْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ مِيرَاثٌ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَفَاةِ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ وَعَدَمَ وُجُودِ مُنَازَعَةٍ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى مِلْكِيَّتِهِمْ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٨) إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُبَيَّنَ فِي جِهَةِ التَّقْسِيمِ أَنَّ الْمَقْسُومَ لَهُ قَدْ قُسِّمَ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِ الْوَرَثَةِ حَتَّى أَنَّ التَّقْسِيمَ الْمَذْكُورَ مَقْصُورٌ عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِمْ فَعَلَيْهِ لَا يَثْبُتُ الْمَوْتُ بِذَلِكَ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّى وَمُدَبَّرِيهِ وَلَا يُعْتَقُونَ.

كَذَلِكَ إذَا حَضَرَ اثْنَانِ وَقَالَا: إنَّ هَذَا الْعَقَارَ فِي يَدِنَا وَنَطْلُبُ تَقْسِيمَهُ وَلَمْ يَقُولَا: إنَّهُ مِلْكُنَا فَلَا يُقَسَّمُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِمَا بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ وَتَكُونُ الْقِسْمَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قِسْمَةَ حِفْظٍ مَعَ أَنَّ الْعَقَارَ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ وَالْهِدَايَةُ) .

قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ.:

تَصِحُّ قِسْمَةُ الْقَضَاءِ تَارَةً وَلَوْ غَابَ الشُّرَكَاءُ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ وُجُودُ شُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُرَادُ تَقْسِيمُهُ مَوْرُوثًا وَمُشْتَرَكًا مِنْ جِهَةِ التَّرِكَةِ، فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا مِنْ جِهَةِ الْإِرْثِ وَالتَّرِكَةِ فَيُقَسَّمُ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ الْحَاضِرِينَ مُدَّعِيًا أَصَالَةً وَالْوَارِثُ الْآخَرُ الْحَاضِرُ يَكُونُ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ وَنِيَابَةً عَنْ الْمَيِّتِ أَيْ يُعْتَبَرُ الْمُدَّعِي الْخَارِجَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ، وَالتَّقْسِيمُ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ وَاقِعًا فِي حُضُورِ الْمُتَقَاسِمِينَ وَحُكْمًا فِي مُوَاجَهَتِهِمْ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْخَلْفِيَّةِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ مِنْ جِهَةِ الْإِرْثِ بَلْ كَانَ مُشْتَرَكًا بِسَبَبٍ آخَرَ كَاشْتِرَاءِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَقْسِيمُهُ وَلَوْ كَانَ الْغَائِبُ شَرِيكًا وَاحِدًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ عُرُوضًا أَوْ عَقَارًا وَسَوَاءٌ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ لَمْ تُقَمْ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ بِالشِّرَاءِ هُوَ مِلْكٌ جَدِيدٌ وَلَيْسَ بِطَرِيقِ الْخَلْفِيَّةِ كَالْإِرْثِ.

مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى خَمْسَةُ أَشْخَاصٍ بِالِاشْتِرَاكِ عَقَارًا وَقَبَضُوهُ ثُمَّ طَلَبَ بَعْدَ ذَلِكَ الشُّرَكَاءُ الْحُضُورُ فِي غَيْبَةِ أَحَدِهِمْ مِنْ الْقَاضِي تَقْسِيمَ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ وَتَسْلِيمَ حِصَّةِ الْغَائِبِ إلَى يَدِ عَدْلٍ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي إجْرَاءُ التَّقْسِيمِ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَصْلُ الشَّرِكَةِ شِرَاءٌ وَعَرَضٌ مُؤَخَّرًا فِيهَا إرْثٌ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ.

مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى خَمْسَةُ أَشْخَاصٍ عَقَارًا بِالِاشْتِرَاكِ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ وَبَقِيَتْ حِصَّةٌ لِوَلَدَيْهِ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ شَرِكَتَيْنِ: (أُولَاهُمَا) الشَّرِكَةُ الْأُولَى الْحَاصِلَةُ بِالشِّرَاءِ.

(الثَّانِيَةُ) الشَّرِكَةُ الْأُخْرَى وَهِيَ اشْتِرَاكُ الْأَخَوَيْنِ الْوَارِثَيْنِ فِي خَمْسٍ، وَبِمَا أَنَّ النَّظَرَ وَالِاعْتِبَارَ هُوَ لِلشَّرِكَةِ الْأُولَى فَلَا يَقُومُ الْوَارِثُ فِي الشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ. أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ بِأَنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ الْأُولَى إرْثًا وَالشَّرِكَةُ الثَّانِيَةُ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ فَيَصِحُّ التَّقْسِيمُ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ.

مَثَلًا لَوْ كَانَ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ خَمْسَةِ إخْوَةٍ إرْثًا وَكَانَ أَحَدُ الْإِخْوَةِ صَغِيرًا وَاثْنَانِ مِنْهُمْ حَاضِرَيْنِ وَاثْنَانِ مِنْهُمْ غَائِبَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُ الْحَاضِرَيْنِ حِصَّتَهُ لِزَيْدٍ فَرَاجَعَ زَيْدٌ الْقَاضِي وَطَلَبَ التَّقْسِيمَ فَيُجْبِرُ الْقَاضِي الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>