وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ بِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ " الَّتِي لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ حَقٌّ بِالدُّخُولِ إلَيْهَا مُطْلَقًا " (الْهِنْدِيَّةُ) .
وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَيْ النَّوْعُ الثَّانِي لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْرَى وَلَا يُقَسَّمُ. فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ طَرِيقٌ مِنْ الْحِصَصِ الْمُفْرَزَةِ تُقَسَّمُ فَإِذَا كَانَتْ حِصَصُهُمْ مَعْلُومَةً فَالطَّرِيقُ تُقَسَّمُ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ وَإِذَا كَانَتْ مَجْهُولَةً فَتُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الشُّرَكَاءِ لِأَنَّهُ يُوجَدُ، فِي التَّقْسِيمِ عَلَى هَذَا الْحَالِ إفْرَازٌ وَتَكْمِيلُ مَنْفَعَةٍ الطُّورِيُّ.
أَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ حِصَصُ الشُّرَكَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَلَا تُقَسَّمُ بِنِسْبَةِ مِسَاحَةِ أَمْلَاكِ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الطَّرِيقِ هُوَ الِاسْتِطْرَاقُ وَالْمُرُورُ مِنْهَا وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ سِعَةِ الدَّارِ أَوْ ضِيقِهَا فَيَكُونُ فِي الْحَالَيْنِ وَاحِدًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ كَانَتْ طَرِيقٌ سِعَتُهَا ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا وَكَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ وَكَانَ كُلُّ طَرَفٍ مِنْهَا مُسَاوِيًا فِي الْقِيمَةِ لِلطَّرَفِ الْآخَرِ فَتُقَسَّمُ بِإِعْطَاءِ صَاحِبِ الثُّلُثِ عَشْرَةُ أَذْرُعٍ مِنْهَا وَصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ حِصَّةُ كُلِّ شَرِيكٍ فِي الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ فَتُقَسَّمُ بِنِسْبَةِ عَدَدِ الرُّءُوسِ أَيْ تُقَسَّمُ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا أَيْ يُعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَالْحُكْمُ فِي السَّاحَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي إذَا كَانَتْ حِصَصُ الشُّرَكَاءِ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ فَتُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّ الشُّرَكَاءَ مُتَسَاوُونَ فِي اسْتِعْمَالِ السَّاحَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَجَمِيعُهُمْ يَمُرُّونَ مِنْهَا وَيُكَسِّرُونَ حَطَبَهُمْ وَيَضَعُونَ أَشْيَاءَهُمْ فِيهَا، فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارٌ ذَاتُ ثَلَاثَةِ غُرَفٍ غَرْفَتَانِ مِنْهَا مَمْلُوكَتَانِ لِوَاحِدٍ وَالْغُرْفَةُ الثَّالِثَةُ مَمْلُوكَةٌ لِآخَرَ وَكَانَ لَهَا سَاحَةٌ فَتُقَسَّمُ السَّاحَةُ الْمَذْكُورَةُ مُنَاصَفَةً بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَلَا يُعْطَى لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ ثُلُثَاهَا التَّنْقِيحُ وَالْحَامِدِيُّ.
وَقَوْلُنَا (تُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ بِحَسْبِ حِصَصِهِمْ) هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَقْسِيمِ الشُّرَكَاءِ بِالرِّضَاءِ وَإِجْرَاءِ التَّقْسِيمِ حُكْمًا وَجَبْرًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي مَشْرُوطٌ وَمُقَيَّدٌ بِالْعَدَالَةِ.
أَمَّا إذَا قَسَّمَ الشُّرَكَاءُ بِالرِّضَاءِ وَشَرَطُوا فِي الْقِسْمَةِ تَفَاوُتَ حِصَصِهِمْ فِي الطَّرِيقِ حَالٍ كَوْنِ شَرِكَتِهِمْ فِي الدَّارِ مُتَسَاوِيَةً جَازَ؛ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ مُتَفَاضِلًا فِي الْأَمْوَالِ غَيْرِ الرِّبَوِيَّةِ صَحِيحٌ وَجَائِزٌ الطُّورِيُّ.
جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ طَرِيقٌ) وَالْمَقْصُودُ مِنْ الطَّرِيقِ فِي تَقْسِيمِ الدَّارِ طَرِيقٌ يُمْكِنُ لِرَجُلٍ الْمُرُورُ مِنْهَا وَفِي تَقْسِيمِ الْأَرْضِ مُرُورُ ثَوْرٍ مِنْهَا وَفِي تَقْسِيمِ الْحَرَجِ وَالْغَابَةِ مُرُورُ حِمْلِ حَطَبٍ وَالْمُرُورُ بِالْبَهِيمَةِ وَلَيْسَ مَعْنَى الطَّرِيقِ فِي تَقْسِيمِ الْأَرَاضِي طَرِيقٌ يُمْكِنُ لِثَوْرَيْنِ أَنْ يَمُرَّا مِنْهَا مُتَحَاذِيَيْنِ وَلَوْ كَانَ احْتِيَاجٌ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَمَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا يَحْتَاجُ إلَى الْعَجَلَةِ فَيُؤَدِّي إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى أَمَّا الْمَحِلُّ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الرَّجُلُ الْمُرُورَ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ طَرِيقًا (الْهِنْدِيَّةُ وَالطُّورِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ وَالْبِيرِيُّ فِي الْقِسْمَةِ) .
وَإِلَّا لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ أَيْ إذَا لَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ طَرِيقٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ لَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ طَرِيقٌ أَوْ بَقِيَتْ طَرِيقٌ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ لِزِيَادَةِ حِصَّتِهِ وَلَمْ تَبْقَ لِلْآخَرِ.
وَقَدْ وَرَدَّ فِي الْمَادَّةِ (١١٤٠) أَنَّهُ يَجُوزُ التَّقْسِيمُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْكَثِيرِ وَامْتِنَاعِ صَاحِبِ الْقَلِيلِ وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ أَيْضًا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ