للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُؤْيَةُ الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ النِّسَاءِ أَيْ الْمَحِلِّ الَّذِي يَجْلِسُ وَيُوجَدُ فِيهِ النِّسَاءُ فِي الدَّارِ كَالْمَطْبَخِ وَبَابِ الْبِئْرِ وَصَحْنِ الدَّارِ يُعَدُّ ضَرَرًا فَاحِشًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَطْبَخُ وَالْبِئْرُ فِي بُسْتَانِ الدَّارِ فَيُعَدَّانِ أَيْضًا مَقَرَّ النِّسَاءِ مَعَ أَنَّ بُسْتَانِ الدَّارِ لَا يُعَدُّ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (١٢٠٤) مَقَرَّ نِسَاءٍ، فَلِذَلِكَ إذَا وُجِدَ الْمَطْبَخُ فِي بُسْتَانِ الدَّار وَكَانَ مُخَصَّصًا لِلنِّسَاءِ فَهُوَ مَقَرُّ النِّسَاءِ وَكَذَلِكَ الْبِئْرُ إذَا كَانَتْ فِي الْبُسْتَانِ وَمُخَصَّصَةً لِاسْتِقَاءِ النِّسَاءِ مِنْهَا وَلَمْ يُوجَدْ بِئْرٌ غَيْرَهَا فِي الدَّارِ فَتُعَدُّ مَقَرُّ نِسَاءٍ أَيْضًا.

أَمَّا إذَا وُجِدَتْ بِئْرٌ أُخْرَى فِي الدَّارِ غَيْرَ تِلْكَ الْبِئْرِ كَوُجُودِ بِئْرٍ فِي الْمَطْبَخِ فَهَلْ يُعَدُّ بَابُ الْبِئْرِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْبُسْتَانِ مَقَرُّ نِسَاءٍ أَمْ لَا؟ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُوجَدُ احْتِيَاجٌ لِلْبِئْرِ الْمَذْكُورَةِ وَتُسْتَعْمَلُ تِلْكَ الْبِئْرُ مِنْ طَرَفِ النِّسَاءِ فَيُعَدُّ مُقَرًّا لِلنِّسَاءِ.

وَيُزَالُ هَذَا الضَّرَرُ سَوَاءٌ كَانَ ضَرَرًا دَائِمِيًّا أَوْ غَيْرَ دَائِمِيٍّ حَيْثُ إنَّهُ فَاحِشٌ وَذَلِكَ إذَا بَاشَرَ أَحَدٌ بِنَاءَ دَارِهِ وَكَانَ أَثْنَاءَ الْبِنَاءِ مُطِلًّا عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ جَارِهِ فَعَلَيْهِ مَنْعُ النَّظَرِ عَنْ مَقَرِّ النِّسَاءِ بِوَضْعِ خَيْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَوْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ تَنْتَهِي فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.

أَمَّا إذَا كَانَ الضَّرَرُ الْغَيْرُ الدَّائِمِ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ كَالْآذَانِ وَيَزُولُ بِوَقْتٍ جُزْئِيٍّ فَلَا يُدْفَعُ وَلَا تَخْرُجُ النِّسَاءُ الْمُجَاوِرَةُ أَثْنَاءَ الْآذَانِ وَيَخْرُجْنَ بَعْدَهُ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ.

إذَا كَانَ مَحِلُّ مَقَرِّ نِسَاءٍ دَائِمًا فَرُؤْيَتُهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ، لَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَحِلُّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ مَقَرَّ نِسَاءٍ وَفِي بَعْضِهَا لَمْ يَكُنْ مَقَرَّ نِسَاءٍ كَأَنْ يَكُونَ مَحِلًّا تَسْكُنُهُ النِّسَاءُ فِي الصَّيْفِ وَلَا يَسْكُنُهُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ كَانَ يَسْكُنُهُ فِي اللَّيْلِ وَلَا يَسْكُنُهُ فِي النَّهَارِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ رُؤْيَةَ هَاتِهِ الْمَحِلَّاتِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ. تَأَمَّلْ (التَّنْقِيحُ) .

فَإِذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي دَارِهِ نَافِذَةً أَوْ بَنَى مُجَدِّدًا بِنَاءً وَفَتَحَ فِيهِ نَافِذَةً عَلَى الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ نِسَاءِ جَارِهِ الْمُلَاصِقِ أَوْ جَارِهِ الْمُقَابِلِ الَّذِي يَفْصِلُ طَرِيقٌ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْجَارُ غَيْرَ مُسْلِمٍ، وَكَانَ يَرَى مَقَرَّ نِسَاءِ الْآخَرِ مِنْهُ فَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ الضَّرَرِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ دَارًا أَوْ طَاحُونًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ كَانَ بِنَاءً خَيْرِيًّا كَالزَّاوِيَةِ.

مَثَلًا لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ طَاحُونًا قُرْبَ دَارِ آخَرَ فَأَنْشَأَ مَجْرَى الطَّاحُونِ مُرْتَفِعًا وَكَانَ يَرَى مِنْهُ نِسَاءَ الْجَارِ وَكَانَ مِنْ الْمُقْتَضَى أَنْ يَصِلَ صَاحِبُ الطَّاحُونِ فِي كُلِّ بِضْعَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ الْمَحِلَّ وَيَرَى حِينَئِذٍ مَقَرَّ نِسَاءِ الْجَارِ فَبِمَا أَنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَيُؤْمَرُ صَاحِبُ الطَّاحُونِ بِرَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الطَّاحُونِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِ الضَّرَرِ بِدَاعِي أَنَّ مَقَرَّ نِسَاءِ تِلْكَ الدَّارِ يُرَى مِنْ جِهَةِ السُّوقِ.

وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ يَرَى مِنْ النَّافِذَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا مَسِيحِيٌّ مَقَرَّ نِسَاءِ مُوسَوِيِّ فَيُؤْمَرُ الْمَسِيحِيُّ بِرَفْعِ الضَّرَرِ وَلَا يُقَالُ أَنَّ الْمَسِيحِيَّ أَوْ الْمُوسَوِيَّ لَا يَتَسَتَّرُ وَأَنَّ رُؤْيَةَ مَقَرِّ نِسَائِهِمَا لَيْسَ ضَرَرًا فَاحِشًا لِأَنَّ الْمِلَلَ الْغَيْرَ الْمُسْلِمَةِ كَالْمُسْلِمِينَ فِي الْمُعَامَلَاتِ.

وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (جَارُهُ الْمُقَابِلُ الَّذِي يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ) أَنَّ الطَّرِيقَ لَوْ لَمْ تَكُنْ فَاصِلَةً فَيُمْنَعُ وَإِذَا كَانَتْ فَاصِلَةً أَيْضًا يُمْنَعُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

وَيَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ بِصُورَةٍ تَمْنَعُ وُقُوعَ النَّظَرِ إمَّا بِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ وَضْعِ سِتَارٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>