للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَشَبِيٍّ فِي مِلْكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٠٠) . وَإِذَا أَرَادَ دَفْعَ الضَّرَرِ بِوَضْعِ سِتَارٍ مِنْ الْخَشَبِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا مِنْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ بِدَاعِي احْتِمَالِ تَفَسُّخِ السِّتَارِ الْخَشَبِيِّ وَرُؤْيَةِ مَقَرِّ النِّسَاءِ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ النَّافِذَةِ الْمُطِلَّةِ عَلَى مَقَرِّ النِّسَاءِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِ الضَّرَرِ بِقَوْلِهِ لِلْجَارِ إذَا وَضَعْتَ قَفَصًا لِنَوَافِذِكَ فَلَا يُرَى مَقَرُّ النِّسَاءِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ لَكَ حَائِطٌ قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مُرْتَفِعًا فَأَعْلِ حَائِطَكَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ وَفَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ) .

وَحَسْبَ هَذِهِ الْفَتْوَى مِنْ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِطْعَةُ أَرْضٍ مُنْقَسِمَةٍ إلَى عَرَصَاتٍ لِخَمْسَ عَشْرَةَ دَارًا أَوْ عِشْرِينَ دَارًا فَأَنْشَأَ أَحَدٌ دَارًا فِي إحْدَى عَرَصَاتِهَا ثُمَّ أَحْدَثَ آخَرُ فِي الْعَرْصَةِ الْمُقَابِلَةِ أَوْ فِي الْعَرْصَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ عَلَى الْيَسَارِ دَارًا وَكَانَتْ وَاجِهَتُهَا مُقَابِلَةً لِلدَّارِ الْأُولَى وَيَرَى مِنْهَا مَقَرَّ النِّسَاءِ فِي تِلْكَ الدَّارِ فَيُمْنَعُ وَلَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْأُولَى: ضَعْ قَفَصًا (شعايريا) عَلَى مَنَافِذِكَ وَلَكِنْ فِي هَذَا الْحَالِ يُصْبِحُ مِنْ الصَّعْبِ إنْشَاءُ دُورٍ فِي الْعَرَصَاتِ الْأُخْرَى وَتَسْقُطُ قِيمَتُهَا وَلِذَلِكَ فَالْعُرْفُ الْجَارِي فِي بَلْدَتِنَا أَنْ يَضَعَ كُلُّ صَاحِبِ دَارٍ قَفَصًا عَلَى نَوَافِذِ بَيْتِهِ وَيَمْنَعُ النَّظَرَ وَأَنْ لَا يَتَعَارَضَ وَجَارُهُ فِي ذَلِكَ. وَلَكِنْ إذَا تَعَارَضَ مَعَ جَارِهِ فَمَا الْحُكْمُ؟ وَيُظَنُّ أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يُقَالَ بِمَا أَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ فَعَلَى الْمُتَضَرِّرِ أَنْ يَضَعَ قَفَصًا عَلَى نَوَافِذِهِ حَسْبَ عُرْفِ الْبَلَدِ وَيُزِيلَ ضَرَرَهُ بِنَفْسِهِ.

قِيلَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ (فِي مِلْكِهِ) وَقَدْ اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ مِلْكِ الْمُتَضَرِّرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَبْنِيَ بِنَاءً فِي مِلْكِ جَارِهِ قَائِلًا: إنِّي أَبْنِي فِي مِلْكَكَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْكَ فَإِذَا بَنَى وَدَفَعَ الضَّرَرَ عَنْ جَارِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَتُهْدَمُ أَبْنِيَتُهُ وَيُكَلَّفُ أَنْ يَدْفَعَ ضَرَرَ جَارِهِ بِإِنْشَاءِ بِنَاءٍ فِي مِلْكِهِ (التَّنْقِيحُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٦) .

وَكَمَا أَنَّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَضَعَ سِتَارَةً فِي مِلْكِهِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ جَارِهِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَضَعَ سِتَارَةً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ. مَثَلًا لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ دَارًا وَكَانَتْ نَافِذَةُ دَارِهِ مُطِلَّةً عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ دَارِ جَارِهِ وَأَرَادَ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ جَارِهِ بِأَنْ وَضَعَ سِتَارَةً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ الْوَاقِعِ بَيْنَ دَارِهِ وَدَارِ جَارِهِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَقُولَهُ لَهُ: يَجِبُ وَضْعُ السِّتَارَةِ فِي طَرَفِ نَافِذَتِكَ. فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ: اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٩٦) لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى سَدِّ النَّافِذَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِحَائِطٍ.

وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ يُزَالُ الضَّرَرُ الْفَاحِشُ فِي ذَلِكَ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ:

١ - سَدُّ النَّافِذَةِ.

٢ - إنْشَاءُ حَائِطٍ أَمَامَ النَّافِذَةِ مِنْ الْحِجَارَةِ أَوْ الْآجُرِّ.

٣ - أَنْ تُوضَعَ سِتَارَةٌ وَبِمَا أَنَّ الصُّورَةَ الثَّالِثَةَ كَافِيَةٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ بِالصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ (الْفَيْضِيَّةُ بِإِيضَاحٍ) .

كَمَا أَنَّهُ إذَا عَمِلَ حَائِطًا مِنْ الْأَغْصَانِ الَّتِي يُرَى مِنْ بَيْنِهَا مَقَرُّ نِسَاءِ جَارِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِسَدِّ مَحِلَّاتِ النَّظَرِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَلَا يُجْبَرُ عَلَى هَدْمِ الْحَائِطِ الْمَعْمُولِ مِنْ الْأَغْصَانِ وَبِنَاءِ حَائِطٍ مَحِلَّهُ. اُنْظُرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>