يُحْدِثَ طَاحُونًا عَلَى النَّهْرِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ هَذَا الشَّخْصَ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِ فَلِذَلِكَ لَا يُمْنَعُ. كَذَلِكَ لِلشَّخْصِ الَّذِي لَهُ نَهْرٌ مَخْصُوصٌ مُتَشَعِّبٌ وَمُفْرَزٌ مِنْ نَهْرٍ خَاصٍّ أَنْ يُنْشِئَ عَلَيْهِ جِسْرًا وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ جِسْرٌ مِنْ الْقَدِيمِ فَلَهُ هَدْمُهُ وَإِنْشَاؤُهُ عَلَى طِرَازٍ آخَرَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ هَدْمُ وَرَفْعُ الْجِسْرِ يُؤَدِّي إلَى وُرُودِ الْمَاءِ بِكَثْرَةٍ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ لِلشُّرَكَاءِ مَنْعُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١١٩٧) (الْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبَدِّلَ نَوْبَتَهُ الْقَدِيمَةَ أَوْ أَنْ يَزِيدَ حِصَّتَهُ الْمُعَيَّنَةَ.
وَإِذَا كَانَتْ الْمِيَاهُ تُقَسَّمُ بِقِسْمَةِ الْكِوَى (بِكَسْرِ الْكَافِّ وَقَدْ تُضَمُّ) فَلَيْسَ لَهُ قِسْمَتُهَا عَلَى الْأَيَّامِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ نَوْبَتَهُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِدُونِ رِضَاءِ الشُّرَكَاءِ فَلِذَلِكَ يُعْتَبَرُ الْقِدَمُ فِي حَقِّ الشِّرْبِ وَيُتْرَكُ الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ.
مَثَلًا: لَوْ كَانَ نَهْرٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ قَوْمٍ وَكَانَ لِبَعْضِهِمْ كُوَّتَانِ وَلِبَعْضِهِمْ الْآخَرِ ثَلَاثُ كُوًى فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى: إنَّك تَأْخُذُ مَاءً أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِك؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْمَاءِ وَدَفْقَهُ لِلْأَعْلَى يُدْخِلَانِ إلَى كُوَّتِكَ مَاءً أَكْثَرَ فَأَنَا غَيْرُ رَاضٍ عَنْ ذَلِكَ وَيَجِبُ أَنْ تُقَسَّمَ الْمَاءُ بِالنَّوْبَةِ فَنَسُدُّ كُوَّاتِنَا فِي نَوْبَتِك وَتَسُدُّ كُوَّاتُكَ فِي نَوْبَتِنَا وَأَنْ يَطْلُبَ تَغْيِيرَ الْوَضْعِ الْقَدِيمِ (الْفَيْضِيَّةُ) وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا تَزْيِيدُ الْكُوَى حَتَّى لَوْ كَانَ تَزْيِيدُهَا غَيْرَ مُضِرٍّ بِالشُّرَكَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا تَزْيِيدُ عَرْضِ النَّهْرِ وَتَأْخِيرُ فَمِ الْكُوَّةِ عَلَى النَّهْرِ بِأَنْ يَجْعَلَهَا أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ مِنْ فَمِ النَّهْرِ إلَى أَسْفَلَ وَلَوْ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِأَصْحَابِهِ بِأَخْذِهِ الْمَاءَ أَكْثَرَ مِنْ حَظِّهِ (أَبُو السُّعُودِ) .
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَهْلُ الْأَسْفَلِ: نُرِيدُ تَوْسِيعَ فَمِ النَّهْرِ لِجَلْبِ الْمَاءِ بِكَثْرَةٍ مِنْ النَّهْرِ الْأَعْظَمِ وَنَزِيدُ كُوَانَا فَلِأَهْلِ الْأَعْلَى أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ قَائِلِينَ: إنَّ كَثْرَةَ الْمَاءِ تُوجِبُ فَيَضَانَ الْمَاءِ إلَى أَرَاضِينَا (الْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ) .
كَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَهْلُ قَرْيَةٍ يَسْقُونَ أَرَاضِيهِمْ مِنْ الْقَدِيمِ بِحَقٍّ مِنْ الْعَيْنِ النَّابِعَةِ فِي أَرَاضِي قَرْيَةٍ أُخْرَى وَأَرَادُوا الِاسْتِمْرَارَ عَلَى سَقْيِ أَرَاضِيهِمْ فَلَيْسَ لِأَهَالِي الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى مَنْعُهُمْ مِنْ السَّقْيِ بِدَاعِي أَنَّ الْمَاءَ نَابِعٌ فِي أَرَاضِي قَرْيَتِهِمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
كَذَلِكَ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا بَيْنَ أَهْلِ بَلْدَةٍ أَنَّ النَّهَارَ هُوَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْغُرُوبِ وَكَانُوا يَسْقُونَ مَزَارِعَهُمْ وَبَسَاتِينَهمْ بِالنَّوْبَةِ مِنْ مَاءٍ وَكَانَتْ نَوْبَةُ بَعْضِهِمْ فِي اللَّيْلِ وَنَوْبَةُ بَعْضِهِمْ فِي النَّهَارِ وَلَمْ يَقْنَعْ أَصْحَابُ نَوْبَةِ النَّهَارِ بِسَقْيِ مَزَارِعِهِمْ وَبَسَاتِينِهِمْ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْغُرُوبِ وَطَلَبُوا أَنْ يَسْقُوا مَزَارِعَهُمْ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ فَلَا يُجَابُ طَلَبُهُمْ (الْبَهْجَةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢٦) .
قِيلَ: " لَيْسَ لَهُ تَزْيِيدُ الْحِصَّةِ الْمُعَيَّنَةِ " مَثَلًا: لَوْ كَانَ نَهْرٌ صَغِيرٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ بِضْعَةِ أَشْخَاصٍ وَكَانَتْ حِصَّةُ كُلِّ شَرِيكٍ مُعَيَّنَةً وَلَهُ حَقُّ شِرْبٍ فِي النَّهْرِ وَيَسْقُونَ مَزَارِعَهُمْ قَدِيمًا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلَيْسَ لِبَعْضِ أُولَئِكَ الشُّرَكَاءِ أَنْ لَا يَرْضَوْا بِحِصَّتِهِمْ الْمُعَيَّنَةِ وَأَنْ يَطْلُبُوا تَغْيِيرَ الْوَضْعِ الْقَدِيمِ (الْهَامِشُ فِي الْبَهْجَةُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute