إيضَاحَاتٌ فِي آلَاتِ الصَّيْدِ الَّتِي مِنْ الْحَيَوَانَاتِ:
يُطْلَقُ الْكَلْبُ لُغَةً عَلَى كُلِّ سَبُعٍ " بِالْفَتْحِ وَضَمِّ الْبَاءِ " أَيْ عَلَى الْحَيَوَانِ الْجَارِحِ، وَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ الْحَيَوَانُ الْجَارِحُ - الْحَيَوَانَاتُ الْغَيْرُ الْجَارِحَةِ كَالْجِمَالِ وَالْبَقَرِ إذْ لَا يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِهَا، وَلَكِنْ يُوجَدُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الْجَارِحَةِ مُسْتَثْنَاةٌ فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا آلَاتِ صَيْدٍ وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُهَا:
١ - الْأَسَدُ، لِأَنَّ الْأَسَدَ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ إذْ لَا يَشْتَغِلُ الْأَسَدُ لِعُلُوِّ هِمَّتِهِ لِلْغَيْرِ أَيْ لِلصَّائِدِ.
٢ - الدُّبُّ، لِأَنَّ الدُّبَّ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ إذْ أَنَّهُ لِخَسَاسَتِهِ لَا يَشْتَغِلُ لِلْغَيْرِ أَمَّا إذَا تُصُوِّرَ أَنَّ هَذَيْنِ الْحَيَوَانَيْنِ يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّمَا الصَّيْدَ وَتَحَقَّقَ تَعَلُّمُهُمَا فَيَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِهِمَا أَيْضًا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .
٣ - الْحَدَأَةُ، وَهَذِهِ أَيْضًا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّعْلِيمِ إذْ أَنَّهَا لَا تَشْتَغِلُ لِلْغَيْرِ لِخَسَاسَتِهَا.
٤ - الْخِنْزِيرُ، وَهُوَ أَيْضًا غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ لِأَنَّهُ نَجِسٌ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَشَرْحُهُ) .
الْمُعَلَّمُ: اسْمُ مَفْعُولٍ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيمِ. وَلُزُومُ التَّعْلِيمِ ثَابِتٌ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ} [المائدة: ٤] وَقَوْلِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ لِأَبِي ثَعْلَبَةَ «مَا صِدْتَ بِكَلْبِك الْمُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ» كَمَا أَنَّ الْحَيَوَانَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَلَّمًا فَلَا يَكُونُ آلَةً لِلصَّيَّادِ كَمَا يَكُونُ صَيْدُهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلصَّيَّادِ وَتَعْلِيمُ الْكَلْبِ يَحْصُلُ بِتَرْكِهِ أَكْلَ الصَّيْدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَلِذَلِكَ إذَا أَكَلَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ نَادِرًا أَوْ مُعْتَادًا فَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ ذَلِكَ الْكَلْبِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْكَلْبُ أَكْلَ الصَّيْدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ وَعُرِفَ أَنَّهُ مُعَلَّمٌ ثُمَّ أَكَلَ الصَّيْدَ فَبِمَا أَنَّهُ عَلَامَةٌ لِلْجَهْلِ فَلَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مَا يَصِيدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتْرُكْ الْأَكْلَ بَعْدَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى التَّوَالِي وَيُتَحَقَّقُ تَعَلُّمُهُ.
أَمَّا الصَّيْدُ الَّذِي يُصْطَادُ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ فِي مِلْكِ الصَّائِدِ فَلَا يُؤْكَلُ أَمَّا إذَا أَتْلَفَهُ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ قَدْ فَاتَ (التَّنْوِيرُ وَشَرْحُهُ) .
وَتَعْلِيمُ الْبَازِي هُوَ بِرُجُوعِهِ عِنْدَ دَعْوَةِ صَاحِبِهِ لَهُ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَكَلَ الْبَازِي صَيْدًا فَيُؤْكَلُ الصَّيْدُ لِأَنَّ تَعْلِيمَ الْبَازِي لَيْسَ بِتَرْكِهِ الْأَكْلَ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الشُّرُوطُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فِي حَقِّ حِلِّ الْأَكْلِ:
إنَّ حِلَّ أَكْلِ الصَّيْدِ مَشْرُوطٌ بِخَمْسَةَ عَشَرَ شَرْطًا وَهَذِهِ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الشُّرُوطُ الْعَائِدَةُ لِلصَّائِدِ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ:
١ - أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَكَوْنُ الصَّائِدِ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا لِلتَّسْمِيَةِ وَالذَّبْحِ وَمُوَحِّدًا دَعْوَى وَاعْتِقَادًا أَوْ دَعْوَى فَقَطْ أَيْ يَكُونُ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا وَقَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] فَلِذَلِكَ فَصَيْدُ غَيْرِ الْعَاقِلِ لِلتَّسْمِيَةِ وَالذَّبْحِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الصَّيْدِ) .