للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُشْتَرَكَ الْغَيْرَ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ كَانَ مُتَبَرِّعًا:

وَلِفَهْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَجِبُ بَيَانُ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ:

وَهِيَ: أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْلَانِ فِي إجْبَارِ وَعَدَمِ إجْبَارِ الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ عَنْ تَعْمِيرِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ - جَوَازُ الْإِجْبَارِ عَلَى التَّعْمِيرِ وَذَلِكَ لَوْ كَانَ حَمَّامٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَ مُحْتَاجًا لِلتَّعْمِيرِ وَطَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ تَعْمِيرَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَالْقَاضِي يُجْبِرُ الْمُمْتَنِعَ عَلَى التَّعْمِيرِ لَدَى مُرَاجَعَتِهِ وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا الْقَوْلُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بِالْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ: (طَاحُونَةٌ مُشْتَرَكَةٌ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ نُعَمِّرُهَا فَقَالَ هَذِهِ الْعِمَارَةُ تَكْفِينِي لَا أَرْضَى بِعِمَارَتِك فَعَمَّرَهَا لَمْ يَرْجِعْ) لِأَنَّ شَرِيكَهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ مَعَهُ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَالشَّرِيكُ الَّذِي يُرِيدُ تَعْمِيرَ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ إذَا كَانَ مُضْطَرًّا لِلتَّعْمِيرِ فَالْقَاضِي يُجْبِرُ شَرِيكَهُ الْمُمْتَنِعَ عَلَى التَّعْمِيرِ لَدَى مُرَاجَعَةِ ذَلِكَ الشَّرِيكِ وَكَانَ عَلَى الشَّرِيكِ الطَّالِبِ لِلتَّعْمِيرِ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي لِإِجْبَارِ شَرِيكِهِ، فَمَا دَامَ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْ الْقَاضِيَ وَعَمَّرَ مِنْ نَفْسِهِ أَصْبَحَ مُتَبَرِّعًا. اُنْظُرْ الْأَصْلَ الثَّانِيَ الْوَارِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٣٠٨) وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ " أَوْ لَمْ يَكُنْ " مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.

الْقَوْلُ الثَّانِي - عَدَمُ جَوَازِ الْإِجْبَارِ عَلَى التَّعْمِيرِ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ طَاحُونَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَاحْتَاجَتْ لِلتَّعْمِيرِ فَرَغِبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي تَعْمِيرِهَا وَامْتَنَعَ الْآخَرُ عَنْ التَّعْمِيرِ فَلَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٥) وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي مَبْحَثِ مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْقَضَاءِ هَذَا الْقَوْلَ وَعَزَاهُ إلَى أَكْثَرِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بِالْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ: (فَلَا إجْبَارَ عَلَى الْآبِي لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَ دَارًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ حَائِطًا) فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ رَاغِبًا فِي التَّعْمِيرِ وَمُضْطَرًّا لَهُ فَلَا فَائِدَةَ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْقَاضِي لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجْبِرُ الْمُمْتَنِعَ عَلَى التَّعْمِيرِ فَلِذَلِكَ إذَا عَمَّرَ بِدُونِ أَمْرِ شَرِيكِهِ أَوْ إذْنِ الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ كَمَا بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (١٣٠٨) .

وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْمَادَّةَ (١٣١٣) مِنْ الْمَجَلَّةِ هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَعَلَى ذَلِكَ تَكُونُ هَذِهِ الْمَادَّةُ مِنْ الْمَجَلَّةِ مَبْنِيَّةً عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالْمَادَّةُ (١٣١٣) مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَيَكُونُ قَدْ حَصَلَ مُنَافَاةٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَادَّتَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي يُعَمِّرُ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ إذْنِ الْقَاضِي الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ الْغَيْرَ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ كَالْحَمَّامِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَهُ أَخْذُ قِيمَةِ مَا عَمَّرَهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (١٣١٣) فَلِذَلِكَ يَجِبُ إيجَادُ طَرِيقٍ لِحَلِّ الْمُنَافَاةِ بَيْنَ - هَاتَيْنِ الْمَادَّتَيْنِ.

دَفْعُ الْمُنَافَاةِ: يَرِدُ إلَى الْخَاطِرِ جَوَابَانِ لِدَفْعِ الْمُنَافَاةِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِمَا بَعْضُ الْأَسْئِلَةِ: الْجَوَابُ الْأَوَّلُ - يُرَاجِعُ الشَّرِيكُ الرَّاغِبُ فِي تَعْمِيرِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ شَرِيكَهُ أَيْ يَقُولُ لِشَرِيكِهِ: فَلْنُعَمِّرْ. فَإِذَا امْتَنَعَ شَرِيكُهُ عَنْ إجَابَةِ طَلَبِهِ ثُمَّ عَمَّرَ الشَّرِيكُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ وَهَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١٣١٣) أَمَّا إذَا عَمَّرَ الشَّرِيكُ مِنْ نَفْسِهِ بِدُونِ أَنْ يُرَاجِعَ الشَّرِيكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>