الْآخَرَ وَيَحْصُلُ مِنْهُ امْتِنَاعٌ عَنْ التَّعْمِيرِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَهَذَا هُوَ الْمُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ ذِكْرِ الِامْتِنَاعِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبِالْعَكْسِ ذَكَرَهُ فِي الْمَادَّةِ (١٣١٣) كَمَا أَنَّ قَوْلَ أَبِي السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ الْكَنْزِ فِي مَبْحَثِ " بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ " الظَّاهِرُ أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْقَاضِي بِالْبِنَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا طَالَبَهُ بِبِنَاءِ السُّفْلِ وَامْتَنَعَ " مِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْوَقْفِ " وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَلَوْ رَمَّهُ الْمُؤَجِّرُ بِنَفْسِهِ تَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ تَفْصِيلِ الْمُطَالَبَةِ وَتَرْكِهَا وَالْحُضُورِ وَالْغَيْبَةِ وَأَمْرِ الْقَاضِي وَعَدَمِهِ إلَخْ " مِمَّا يُؤَيِّدُ أَيْضًا هَذَا الْجَوَابَ.
الْخُلَاصَةُ: إنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ فِي الْمَادَّةِ (١٣١١) وَفِي الْمَادَّةِ (١٣١٣) أَيْضًا وَحَسَبُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ إذَا رَاجَعَ مُرِيدُ التَّعْمِيرِ شَرِيكَهُ وَامْتَنَعَ الشَّرِيكُ عَنْ التَّعْمِيرِ ثُمَّ عَمَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ حَقُّ الْمُرَاجَعَةِ بِالْقِيمَةِ وَإِذَا عَمَّرَ بِدُونِ أَنْ يُرَاجِعَهُ بَتَاتًا فَيَثْبُتُ حُكْمُ التَّبَرُّعِ أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مُقَيَّدٌ بِالْمُطَالَبَةِ وَالِامْتِنَاعِ.
السُّؤَالُ الْوَارِدُ - يَظْهَرُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي آخِرِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٣١٠) نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ الْمُعَمِّرَ لَمْ يُرَاجِعْ الشَّرِيكَ الْغَائِبَ وَلِذَلِكَ لَمْ يَقَعْ امْتِنَاعٌ مِنْ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهُ حَقُّ الْمُرَاجَعَةِ، وَالْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ قُبَيْلَ الْوِصَايَةِ فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَالتَّنْقِيحِ مُؤَيِّدَةٌ لِلْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخَانِيَّةِ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي مَبْحَثِ الْمُزَارَعَةِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذِهِ الْعِبَارَةُ (لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فِي عِمَارَتِهِ إذْ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِنَصِيبِهِ إلَّا بِعِمَارَةِ نَصِيبِهِمَا فَالْمُضْطَرُّ يَرْجِعُ كَمُعِيرِ الرَّهْنِ وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَعِمَارَةِ الدَّارِ وَالسَّفِينَةِ) إذْ إنَّ مُعِيرَ الرَّهْنِ إذَا أَدَّى دَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ وَاسْتَخْلَصَ مَالَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا تَحْتَاجُ هَذِهِ الْمُرَاجَعَةُ لِسَبْقِ أَمْرٍ مِنْ الرَّاهِنِ بِقَوْلِهِ: أَدِّ دَيْنِي كَمَا فَصَّلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٣٢) .
وَذِكْرُ لَفْظِ الِامْتِنَاعِ فِي الْمَادَّةِ (١٣١٣) لَا يَدُلُّ عَلَى صَوَابِ هَذَا الْجَوَابِ لِأَنَّهُ يُوجَدُ كُتُبٌ فِقْهِيَّةٌ قَدْ بَيَّنَتْ أَنَّهُ يُوجَدُ حَقُّ الْمُرَاجَعَةِ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ لَمْ يُذْكَرْ لَفْظُ الِامْتِنَاعِ إذْ وَرَدَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ (طَاحُونَةٌ مُشْتَرَكَةٌ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا فِي عِمَارَتِهَا فَلَيْسَ بِالْمُتَطَوِّعِ) وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيَّةِ وَالْخَيْرِيَّةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْعَيْنِيُّ (شَرْحُ الْهِدَايَةِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْقَضَاءِ وَفِي الْأَشْبَاهِ وَالْأَمَانَةِ) .
الْجَوَابُ الثَّانِي - إنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ ذَكَرَتْ هُنَا أَنَّهُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي مُصْرَفِهِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ تَمَامَ مَا يُصِيبُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِيمَا صَرَفَهُ أَمَّا فِي الْمَادَّةِ (١٣١٣) فَقَدْ ذَكَرَتْ أَنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ يَعْنِي لَوْ عَمَّرَ الشَّرِيكُ الْحَمَّامَ الْمُشْتَرَكَ بِصَرْفِ ثَمَانِينَ دِينَارًا بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ أَمْرِ الْقَاضِي فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَهُ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَعْنِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا نِصْفَ الثَّمَانِينَ دِينَارًا أَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ هَذَا التَّعْمِيرِ خَمْسِينَ دِينَارًا فَلَا يَكُونُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (١٣١٣) مُتَبَرِّعًا بِالْقِيمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ أَخْذُ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفِ الْخَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ شَرِيكِهِ.
السُّؤَالُ الْوَارِدُ - يُوجَدُ فِي هَذَا الْجَوَابِ نَوْعَا رَكَاكَةٍ:
١ - يُوجِبُ هَذَا الْجَوَابُ إعْطَاءَ مَعْنَيَيْنِ لِعِبَارَةِ " يَكُونُ مُتَبَرِّعًا " الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَذَلِكَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute