للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا احْتَاجَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَالطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ وَالْقَنَاةِ إلَى الْعِمَارَةِ كَأَنْ يَخْرَبَ حَوْضُ مَاءِ الْحَمَّامِ أَوْ تُفْقَدُ طَاسَاتُهُ وَطَلَبَ أَحَدُ صَاحِبَيْهِ تَعْمِيرَهُ وَإِكْمَالَ وَإِصْلَاحَ نَوَاقِصِهِ وَامْتَنَعَ شَرِيكُهُ فَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى التَّعْمِيرِ بِأُمُورٍ كَالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُزَالُ ضَرَرٌ بِمِثْلِهِ بَلْ لِطَالِبِ التَّعْمِيرِ أَنْ يَصْرِفَ قَدْرًا مَعْرُوفًا مِنْ الْمَالِ وَيُعَمِّرَ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيَكُونَ مِقْدَارُ مَا أَصَابَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ مَصَارِيفِ التَّعْمِيرِ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ.

مَثَلًا إذَا كَانَ ثُلُثَا الْحَمَّامِ مِلْكًا لِلشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ وَثُلُثُهُ لِلشَّرِيكِ الْمُعَمِّرِ فَيَكُونُ ثُلُثَا مَصَارِيفِ التَّعْمِيرِ دَيْنًا لِلْمُعَمِّرِ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ.

قِيلَ هُنَا " قَدْرًا مَعْرُوفًا " فَإِذَا كَانَ الْقَدْرُ الْمَعْرُوفُ لِتِلْكَ التَّعْمِيرَاتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَصَرَفَ الشَّرِيكُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا يَخُصُّ شَرِيكَهُ مِنْ الْأَلْفِ الدِّرْهَمِ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ وَلَكِنْ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا يَزِيدُ عَنْ ذَلِكَ؟ بِمَا أَنَّهُ لَا صَلَاحِيَةَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْذَنَ بِالصَّرْفِ بِأَزْيَدَ مِنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (٥٨) فَالظَّاهِرُ أَنْ لَيْسَ لِلْمُعَمِّرِ أَنْ يَأْخُذَ الْمِقْدَارَ الزَّائِدَ عَنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ. فَلْيُحَرَّرْ.

وَلِلشَّرِيكِ الْمُعَمِّرِ أَنْ يُؤَجِّرَ ذَلِكَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ وَيَسْتَوْفِي دَيْنَهُ هَذَا مِنْ أُجْرَتِهِ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنْ الطَّرَفَيْنِ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٠) وَبَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُعَمِّرُ مَطْلُوبَهُ يَأْخُذُ الشَّرِيكَانِ إجَارَ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِالِاشْتِرَاكِ بِمِقْدَارِ حِصَصِهِمَا (الْخَانِيَّةُ فِي بَابِ الْحِيطَانِ وَالطُّرُقِ وَمَجَارِي الْمَاءِ وَابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْقَضَاءِ بِزِيَادَةٍ) .

وَإِذَا كَانَ مُرِيدُ التَّعْمِيرِ بَعْدَ مُطَالَبَتِهِ بِالتَّعْمِيرِ وَامْتِنَاعِ شَرِيكِهِ عَنْ التَّعْمِيرِ عَمَّرَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْقَاضِي فَلَا يُنْظَرُ إلَى مِقْدَارِ مَا صَرَفَ وَالْأَنْسَبُ لِلْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ أَنْ يُقَالَ: لَا يُنْظَرُ إلَى الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي صَرَفَهُ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمِقْدَارَ الَّذِي أَصَابَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَيْ قِيمَةِ التَّعْمِيرِ وَقْتَ التَّعْمِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَيْ أَنَّ لَهُ إيجَارَ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ وَاسْتِيفَاءَ دَيْنِهِ مِنْ أُجْرَتِهِ.

اُنْظُرْ الْأَصْلَ الثَّالِثَ الْوَارِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٣٠٨) .

وَإِذَا لَمْ يُرَاجِعْ شَرِيكَهُ وَلَمْ يُطَالِبْهُ بِالتَّعْمِيرِ وَعَمَّرَ بِدُونِ وُقُوعِ امْتِنَاعٍ مِنْ شَرِيكِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٣١٢) قِيلَ هُنَا " قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَقْتَ التَّعْمِيرِ " وَقَدْ ذَكَرَ أَثْنَاءَ شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الْبِنَاءِ هُنَا التَّعْمِيرُ وَلَيْسَ الْبِنَاءَ الَّذِي أُجْرِيَ فِيهِ التَّعْمِيرُ كَبِنَاءِ الطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ مَثَلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَقَدْ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " قِيمَتِهِ وَقْتَ التَّعْمِيرِ " عَنْ قِيمَتِهِ وَقْتَ الرُّجُوعِ لِأَنَّ التَّعْمِيرَ الْوَاقِعَ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ قَدْ وَقَعَ مِلْكًا لِلشَّرِيكِ فَلِذَلِكَ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّعْمِيرِ.

أَمَّا إذَا عَمَّرَ الْمُعَمِّرُ عَلَى أَنَّ التَّعْمِيرَ مِلْكُهُ فَتَلْزَمُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الرُّجُوعِ حَيْثُ لَا يَكُونُ قَدْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ لِلشَّرِيكِ وَقْتَ أَخْذِ الْبَدَلِ.

(الْحَمَوِيُّ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِمِثْلِهِ) وَتَعَيُّنُ قِيمَةِ وَقْتِ الرُّجُوعِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَذَلِكَ أَنْ يُقَوَّمَ أَصْلُ الْبِنَاءِ أَيْ الْحَمَّامُ مَرَّةً قَبْلَ التَّعْمِيرِ أَيْ فِي حَالَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ وَمَرَّةً بَعْدَ التَّعْمِيرِ وَيَكُونَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ قِيمَةَ التَّعْمِيرِ، مَثَلًا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>