وَاقْتِدَارُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ وُقُوعِ النَّهْيِ عَنْهَا أَمَّا إذَا نَهَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ عَنْ إجْرَاءِ هَذِهِ الْخُصُوصَاتِ الَّتِي يَقْتَدِرُ الشَّرِيكُ عَلَى إجْرَائِهَا فَلَيْسَ لَهُ إجْرَاؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَثَلًا لَوْ نَهَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ الْآخَرَ عَنْ السَّفَرِ بِمَالِ الشَّرِكَةِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى فَذَهَبَ الشَّرِيكُ بِهَا بَعْدَ النَّهْيِ وَتَلِفَ مَالُ الشَّرِكَةِ فَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٣٨٣) لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ نَقَلَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِلَا إذْنٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٠١) . (الطَّحْطَاوِيُّ)
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِآخَرَ: اذْهَبْ أَنْتَ حَتَّى دِمَشْقَ الشَّامِ وَلَا تَتَجَاوَزْهَا فَإِذَا تَجَاوَزَ دِمَشْقَ وَذَهَبَ إلَى بَغْدَادَ وَتَلِفَ مَالُ الشَّرِكَةِ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ (الْبَحْرُ) وَلَكِنْ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ عِنَانًا أَنْ يَجْرِيَ التَّصَرُّفَاتِ الْآتِيَةَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَهِيَ:
١ - لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْلِطَ مَالَ الشَّرِكَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَأَنْ يَعْقِدَ الشَّرِكَةَ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً مَعَ آخَرَ، فَإِذَا فَعَلَ وَضَاعَ مَالُ الشَّرِكَةِ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ (بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ) أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَقْدَ شَرِكَةِ عِنَانٍ مَعَ آخَرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَتَفْصِيلُ أَحْكَامِ ذَلِكَ سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٣٨٢) ، وَحُكْمُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِنْوَانُ الْبَحْثِ خَاصٌّ بِالشُّرَكَاءِ شَرِكَةَ عِنَانٍ. أَمَّا الشُّرَكَاءُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةَ عِنَانٍ مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ، وَيَجُوزُ عَقْدُ هَذِهِ الشَّرِكَةِ عَلَى الْمُفَاوِضِ الْآخَرِ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْعِنَانِ أَخَصُّ وَأَدْوَنُ مِنْ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ (الْبَحْرُ) وَالشَّيْءُ يَسْتَتْبِعُ مَا دُونَهُ، فَإِذَا عَقَدَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَتْ حِصَّةُ الرِّبْحِ الْعَائِدَةُ إلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الشَّرِكَةِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ الْمُفَاوِضِ وَكَذَلِكَ لِأَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ مَعَ آخَرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ
أَمَّا إذَا عَقَدَ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ مَعَ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَيَكُونُ عَقْدُ الشَّرِكَةِ الثَّانِي شَرِكَةَ عِنَانٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ)
٢ - لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْعَاقِدِ رَهْنُ مَالِ الشَّرِكَةِ، فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُبَاشِرْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلدَّيْنِ أَيْ لَمْ يَكُنْ عَاقِدًا وَرَهَنَ مَالَ الشَّرِكَةِ مِنْ أَجْلِ دَيْنِ الشَّرِكَةِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، فَإِذَا تَلِفَ يَضْمَنُ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ (الْبَحْرُ)
٣ - لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْعَاقِدِ الِارْتِهَانُ لِدَيْنِ الشَّرِكَةِ فَإِذَا ارْتَهَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ أَجْلِ دَيْنِ الشَّرِيكِ وَتَلِفَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مُسَاوِيَةً لِقِيمَةِ الدَّيْنِ كَانَ شَرِيكُ الْمُرْتَهِنِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمِنَ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ حَيْثُ إنَّ هَلَاكَ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ شَاءَ رَاجَعَ الْمَدِينَ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْمَدِينِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الرَّهْنِ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١١٠٨) وَشَرْحَهَا وَالْمَادَّةَ (١٣٨٢) أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute