لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ بَغْلَةٌ وَلِآخَرَ بَعِيرٌ وَعَقَدَا شَرِكَةَ أَعْمَالٍ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا وَيَتَعَهَّدَا مُتَسَاوِيًا نَقْلَ الْأَحْمَالِ عَلَيْهِمَا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ صَحَّ، لِأَنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ شَرِكَةُ تَقَبُّلٍ وَالْبَغْلَةُ وَالْجَمَلُ آلَةُ الْعَمَلِ وَيُقْسَمُ الْكَسْبُ وَالْأُجْرَةُ الْحَاصِلَةُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً، وَكَمَا أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ عَمَلِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ التَّقَبُّلِ فَلَا يُنْظَرُ فِي هَذِهِ أَيْضًا إلَى كَوْنِ حَمْلِ الْجَمَلِ أَزْيَدَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ يَسْتَحِقَّانِ الْبَدَلَ أَيْ الْأُجْرَةَ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ بِضَمَانِ الْعَمَلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٢٩٢) .
أَيْ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ هُوَ تَقَبُّلُ نَقْلِ الْأَحْمَالِ وَفِي هَذِهِ يَشْتَرِكُ الِاثْنَانِ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْجَمَلِ بَعْدَ تَقَبُّلِ نَقْلِ الْأَحْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَطْلُبَ زِيَادَةَ أُجْرَةٍ لِأَنَّ النَّقْلَ جَرَى عَلَى الْبَغْلَةِ وَالْبَعِيرِ وَلِأَنَّ حِمْلَ الْبَعِيرِ أَزْيَدُ مِنْ حِمْلِ الْبَغْلَةِ أَيْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْسِيمُ الْأُجْرَةِ عَلَى نِسْبَةِ أَجْرِ مِثْلِ الْبَغْلَةِ وَالْبَعِيرِ وَإِعْطَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا حَسَبَ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ لَوْ تَقَبَّلَ وَتَعَهَّدَ اثْنَانِ بِنَقْلِ حُمُولَةٍ مُتَسَاوِيًا ثُمَّ حَمَلَاهَا عَلَى ظَهْرَيْهِمَا فَيُقْسَمُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَلَا يَلْزَمُ تَقْسِيمُ الْكَسْبِ بِنِسْبَةِ أَجْرِ مِثْلِ كِلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَوِيٌّ مُحَمَّلٌ حِمْلًا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ (الْهِنْدِيَّةُ) لَكِنْ إذَا لَمْ تُعْقَدْ الشَّرِكَةُ عَلَى تَقَبُّلِ الْعَمَلِ حَسَبَ الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا بَلْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَا الْبَغْلَةَ وَالْبَعِيرَ عَيْنًا وَعَلَى تَقْسِيمِ الْأُجْرَةِ الْحَاصِلَةِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِذَا أُجِّرَ أَيٌّ مِنْ الْبَغْلَةِ أَوْ الْجَمَلِ بِأَيِّ مِقْدَارٍ مِنْ الْأُجْرَةِ فَتَكُونُ أُجْرَتُهُ إلَى صَاحِبِهِ. وَفَسَادُ الشَّرِكَةِ هُوَ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ لِلْآخَرِ: بِعْ مَنَافِعَ دَابَّتِك وَمَنَافِعَ دَابَّتِي عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) مَعَ أَنَّ مَنْفَعَةَ مَالِ أَحَدٍ إنَّمَا تَعُودُ إلَى مَالِهَا وَلَا يُوجَدُ سَبَبٌ لَأَنْ يَشْتَرِكَ الْآخَرُ فِي مَنْفَعَتِهِ لَكِنْ إذَا أَعَانَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي التَّحْمِيلِ وَالنَّقْلِ يَأْخُذُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَلَا يَتَجَاوَزُ هَذَا الْأَجْرُ نِصْفَ الْأُجْرَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ، وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَالْحُكْمُ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَجَلَّةِ هُوَ فِي حَالِ تَأْجِيرِ الْبَعِيرِ وَعَدَمِ تَأْجِيرِ الْبَغْلَةِ أَوْ تَأْجِيرِ الْبَغْلَةِ وَعَدَمِ تَأْجِيرِ الْبَعِيرِ أَوْ فِي حَالَةِ إيجَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ، أَمَّا إذَا أُجِرَ الْبَعِيرُ وَالْبَغْلَةُ صَفْقَةً وَاحِدَةً أَيْ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَبِأُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَتُقْسَمُ الْأُجْرَةُ عَلَى أَجْرِ مِثْلِ الْجَمَلِ وَالْبَغْلَةِ وَيُعْطَى صَاحِبَاهُمَا الْأُجْرَةَ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ، فَإِذَا كَانَ أَجْرُ مِثْلِ الْجَمَلِ ضِعْفَ أَجْرِ مِثْلِ الْبَغْلَةِ فَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْجَمَلِ ثُلُثَيْ الْأُجْرَةِ وَصَاحِبُ الْبَغْلَةِ ثُلُثَهَا وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ الْوَارِدَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٣٤٣) أَنَّهُ يُوجَدُ فِيهَا ثَلَاثُ صُوَرٍ
الْمَادَّةُ (١٣٩٨) - (إذَا عَمِلَ أَحَدٌ فِي صَنْعَتِهِ مَعَ ابْنِهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ فَكَافَّةُ الْكَسْبِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيُعَدُّ وَلَدُهُ مُعِينًا، كَمَا أَنَّهُ إذَا غَرَسَ أَحَدٌ شَجَرًا فَأَعَانَهُ وَلَدُهُ الَّذِي فِي عِيَالِهِ فَيَكُونُ الشَّجَرُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يُشَارِكُهُ وَلَدُهُ فِيهِ)
إذَا عَمِلَ أَحَدٌ فِي صَنْعَةٍ هُوَ وَابْنُهُ الَّذِي فِي عِيَالِهِ وَاكْتَسَبَا أَمْوَالًا وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّ لِلِابْنِ مَالًا سَابِقًا فَكَافَّةُ الْكَسْبِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يَكُونُ لِوَلَدِهِ حِصَّةٌ فِي الْكَسْبِ بَلْ يُعَدُّ وَلَدُهُ مُعِينًا وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ أَجْرِ الْمِثْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute