حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَنَازَعَ الْأَبُ فِي الْمَتَاعِ الْمَوْجُودِ فِي بَيْتِهِ مَعَ أَوْلَادِهِ الْخَمْسَةِ الَّذِينَ يُقِيمُونَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّ الْمَتَاعَ لَهُ فَالْمَتَاعُ لِلْأَبِ وَلَا يَكُونُ لِلْأَوْلَادِ غَيْرُ الثِّيَابِ الَّتِي هُمْ لَابِسُوهَا (التَّنْقِيحُ) مَا لَمْ يُثْبِتُوا عَكْسَ ذَلِكَ وَيُوجَدُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ لِأَجْلِ اعْتِبَارِ الْوَلَدِ مُعِينًا لِأَبِيهِ:
١ - اتِّحَادُ الصَّنْعَةِ، فَإِذَا كَانَ الْأَبُ مُزَارِعًا وَالِابْنُ صَانِعَ أَحْذِيَةٍ فَكَسْبُ الْأَبِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَالِابْنِ مِنْ صَنْعَةِ الْحِذَاءِ، فَكَسْبُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لِلْأَبِ الْمُدَاخَلَةُ فِي كَسْبِ ابْنِهِ لِكَوْنِهِ فِي عِيَالِهِ.
وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (مَعَ ابْنِهِ) إشَارَةٌ لِهَذَا الشَّرْطِ. مَثَلًا إنَّ زَيْدًا يَسْكُنُ مَعَ أَبِيهِ عَمْرٍو فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيَعِيشُ مِنْ طَعَامِ أَبِيهِ وَقَدْ كَسَبَ مَالًا آخَرَ فَلَيْسَ لِإِخْوَانِهِ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ إدْخَالُ مَا كَسَبَهُ زَيْدٌ فِي الشَّرِكَةِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ اثْنَانِ يَسْكُنَانِ فِي دَارِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكْسِبُ عَلَى حِدَةٍ وَجَمَعَا كَسْبَهُمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَلَمْ يُعْلَمْ مَجْمُوعُهُ لِمَنْ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ التَّسَاوِي أَوْ التَّفَاوُتُ فِيهِ فَيُقْسَمُ سَوِيَّةً بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْعَمَلِ وَالرَّأْيِ
٢ - فِقْدَانُ الْأَمْوَالِ سَابِقًا. إذَا كَانَ لِلْأَبِ أَمْوَالٌ سَابِقَةٌ كَسْبُهَا وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لِلِابْنِ أَمْوَالٌ بِأَنْ وَرِثَ مِنْ مُوَرِّثِهِ أَمْوَالًا مَعْلُومَةً فَيُعَدُّ الِابْنُ فِي عِيَالِ الْأَبِ
٣ - أَنْ يَكُونَ الِابْنُ فِي عِيَالِ أَبِيهِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْأَبُ يَسْكُنُ فِي دَارِ وَالِابْنُ فِي دَارِ أُخْرَى وَكَسَبَ الِابْنُ أَمْوَالًا عَظِيمَةً فَلَيْسَ لِلْأَبِ الْمُدَاخَلَةُ فِي أَمْوَالِ ابْنِهِ بِدَاعِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلِابْنِ مَالٌ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ.
كَذَلِكَ لَوْ كَانَ إخْوَةٌ أَرْبَعَةٌ فِي عَائِلَةِ وَاحِدَةٍ وَسَعَوْا فِي تَكْثِيرِ وَتَنْمِيَةِ الْأَمْوَالِ الْمَوْرُوثَةِ عَنْ أَبِيهِمْ فَتُقْسَمُ الْأَقْسَامُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى اخْتِلَافِ عَمَلِهِمْ أَوْ اخْتِلَافِ رَأْيِهِمْ وَتَعْبِيرُ (وَلَدُهُ) لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَالْحُكْمُ فِي الزَّوْجَةِ وَالْإِخْوَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا وَذَلِكَ لَوْ عَمِلَ أَحَدٌ فِي صَنْعَةٍ مَعَ زَوْجَتِهِ الْمَوْجُودَةِ فِي عِيَالٍ وَاكْتَسَبَا أَمْوَالًا فَكَافَّةُ الْكَسْبِ لِلزَّوْجِ وَتُعَدُّ الزَّوْجَةُ مُعِينَةً (الْهِنْدِيَّةُ) أَمَّا إذَا كَانَ لِلزَّوْجَةِ كَسْبٌ عَلَى حِدَةٍ فَكَافَّةُ الْكَسْبِ لَهَا وَلَا تُعَدُّ مُعِينَةً لِلزَّوْجِ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي عِيَالِ أَحَدٍ وَلَدٌ لَهُ وَإِخْوَانٌ وَعَمِلُوا فِي صَنْعَةٍ وَاكْتَسَبُوا أَمْوَالًا فَكَافَّةُ الْكَسْبِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَكُونُ هَؤُلَاءِ مُعِينِينَ لَهُ.
عِيَالٌ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَقَدْ وَضَّحَ مَعْنَاهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (الـ ٧٧٢) كَمَا أَنَّهُ إذَا غَرَسَ شَجَرًا فَأَعَانَهُ وَلَدُهُ الَّذِي فِي عِيَالِهِ فِي الْغَرْسِ فَيَكُونُ كَامِلُ الشَّجَرِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يُشَارِكُهُ وَلَدُهُ فِي ذَلِكَ الشَّجَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute