الْمُضَارِبَ عَامِلٌ لِرَبِّ الْمَالِ وَحِصَّةُ الرِّبْحِ الَّتِي شُرِطَتْ لَهُ كَأُجْرَةِ عَمَلِهِ فَإِذَا فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ يَظْهَرُ مَعْنَى الْإِجَارَةِ وَلَا يَأْخُذُ الْمُضَارِبُ رِبْحًا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ يُسْتَحَقُّ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ. الْمَادَّةُ (١٤١٣) - (الْمُضَارِبُ أَمِينٌ وَرَأْسُ الْمَالِ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ، وَمِنْ جِهَةِ تَصَرُّفِهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَكِيلٌ لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِذَا رَبِحَ يَكُونُ شَرِيكًا فِيهِ) . الْمُضَارِبُ أَمِينٌ إذَا لَمْ يُخَالِفْ وَرَأْسُ الْمَالِ أَيْ أَنَّ رَأْسَ مَالِ رَبِّ الْمَالِ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَ الْمَالَ بِإِذْنِ مَالِكِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَادَلَةِ وَالْوَثِيقَةِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ إيدَاعٌ ابْتِدَاءً (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً. اُنْظُرْ شَرْحَ عِنْوَانِ الْفَصْلِ الثَّانِي.
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ تَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ أَمِينٌ فَلَا يَضْمَنُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٧٧) وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ: دَفَعْتُ إلَيْكَ رَأْسَ الْمَالِ وَاَلَّذِي فِي يَدِي رِبْحٌ ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَدْفَعْ وَلَكِنَّهُ هَلَكَ فَهُوَ ضَامِنٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَكِنْ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ هُوَ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَعَدَمِ وُجُودِ الضَّمَانِ بِالْهَلَاكِ وَلَيْسَ فِي كُلِّ حُكْمٍ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (٧٩٠) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنْ لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ وَلَكِنْ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُودِعَ رَأْسَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) تُوجَدُ حِيلَتَانِ فِي جَعْلِ الْمُضَارِبِ ضَمِينًا: الْحِيلَةُ الْأُولَى لَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَضْمُونًا عَلَى الْمُضَارِبِ - إذَا رَغِبَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَيْنًا عَلَى الْمُضَارِبِ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ حِصَّةٌ فِي الرِّبْحِ فَيُقْرِضُ رَأْسَ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ وَيُسَلِّمُهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ يَأْخُذُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ يُودِعُهُ لِلْمُضَارِبِ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ يَعْمَلُ الْمُضَارِبُ فِيهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا عَمِلَ الْمُضَارِبُ وَرَبِحَ فَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ وَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ حَقٌّ فِي أَخْذِ النُّقُودِ الَّتِي أَقْرَضَهَا، كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ فَيَكُونُ قَدْ تَلِفَ مَضْمُونًا عَلَى الْعَامِلِ الْمُسْتَقْرِضِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) .
الْحِيلَةُ الثَّانِيَةُ - يُقْرِضُ رَبُّ الْمَالِ الْقِسْمَ الْأَعْظَمَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ وَيُسَلِّمُهُ إيَّاهُ ثُمَّ إنَّ الْمُضَارِبَ يَتَّخِذُ الْمَبْلَغَ الَّذِي اسْتَقْرَضَهُ مَعَ الْمَبْلَغِ الَّذِي بَقِيَ فِي يَدِ رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَيَعْقِدُ مَعَهُ شَرِكَةَ عَنَانٍ ثُمَّ يَعْمَلُ الْمُسْتَقْرِضُ وَيَكُونُ الْمَبْلَغُ الْمُقْرَضُ إلَى الْمُضَارِبِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَفِي حَالَةِ تَلَفِهِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ تُخْرِجُ الْمُضَارَبَةَ عَنْ كَوْنِهَا مُضَارَبَةً وَتَجْعَلُهَا شَرِكَةَ عَنَانٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١٤١١) أَنَّ الْمُضَارِبَ مَعَ كَوْنِهِ أَمِينًا إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ غَاصِبًا إذَا خَالَفَ (الْبَحْرُ) وَمِنْ جِهَةِ تَصَرُّفُهُ فِي رَأْسِ الْمَالِ بِأَمْرٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ هُوَ وَكِيلٌ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يَتَصَرَّفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute