فِي ذَلِكَ الْمَالِ بِأَمْرٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَلِلْمُضَارِبِ الرُّجُوعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ عُهْدَةِ الْبَيْعِ كَوَكِيلِهِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الْمَالَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُضَارِبِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُضَارِبِ بِالثَّمَنِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَأَعْطَى ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ فَلِلْمُضَارِبِ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَلَكِنْ لَا يَرِدُ السُّؤَالُ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْوَكَالَةَ غَيْرُ جَائِزَةٍ؛ لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ بِالْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْوَكَالَةَ ضِمْنِيَّةٌ؟ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الْ ١٣٣٣) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَكِنْ تَفْتَرِقُ عَنْ الْوَكِيلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ: وَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ الْمَالَ الَّذِي أُمِرَ بِشِرَائِهِ وَتَلِفَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُوَكِّلِ بَلْ يَلْزَمُهُ دَفْعُ الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ.
أَمَّا إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَالًا لِلْمُضَارَبَةِ وَتَلِفَ النَّقْدُ الَّذِي فِي يَدِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِالثَّمَنِ مَرَّةً ثَانِيَةً، كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ مَرَّةً ثَانِيَةً فَلَهُ الرُّجُوعُ مَرَّةً ثَالِثَةً، وَكَذَا رَابِعَةً وَهَلُمَّ جَرَّا، وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ جَمِيعَ مَا دُفِعَ فَلَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ إلَّا اسْتِيفَاءُ الْمَالِكِ الْكُلَّ، وَسَبَبُ الْفَرْقِ هُوَ أَنَّهُ فِي شِرَاءِ الْوَكِيلِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مَدِينًا لِلْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مَدِينًا لِلْوَكِيلِ فَإِذَا رَاجَعَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ قَدْ قَبَضَ دَيْنَهُ وَيَكُونُ مَا أَخَذَهُ مَالَهُ، وَخَسَارُهُ رَاجِعٌ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا رَجَعَ الْمُضَارِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَمَا يَقْبِضُهُ مِنْهُ يَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَإِذَا تَلِفَ فَلَهُ تَكْرَارُ الرُّجُوعِ (الْبَحْرُ) . وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ أَمَانَةٌ وَقَبْضَ الْوَكِيلِ ثَانِيًا اسْتِيفَاءٌ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ مِثْلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ فَإِذَا صَارَ مُسْتَوْفِيًا لَهُ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيَهْلِكُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الشِّرَاءِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَجُعِلَ مُسْتَوْفِيًا بِالْقَبْضِ بَعْدَهُ إذْ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ قَبْلَهُ أَمَانَةٌ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْأَمَانَةِ بَعْدَهُ فَلَمْ يَصِرْ مُسْتَوْفِيًا فَإِذَا هَلَكَ رَجَعَ مَرَّةً فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَالًا فَأَرَادَ إمْسَاكَهُ لِزِيَادَةِ الرِّبْحِ وَالْكَسْبِ وَأَرَادَ رَبُّ الْمَالِ بَيْعَهُ فَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ إمْسَاكُ ذَلِكَ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَا لَمْ يُعْطِ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ وَإِعْطَاءُ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ إذَا كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَهُ حَقُّ الْإِمْسَاكِ.
وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُضَارِبُ عَنْ بَيْعِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ وَحِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَلَكِنَّهُ يُؤَدِّي لِرَبِّ الْمَالِ مُقَابِلَ رَأْسِ مَالِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا رَبِحَ الْمُضَارِبُ يَكُونُ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ فِي الرِّبْحِ بِمُوجِبِ الشَّرْطِ فَإِذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً فَبِمَا أَنَّ الرِّبْحَ حَاصِلٌ مِنْ الْمَالِ وَالْعَمَلِ مَعًا وَالْمَالُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَمَلُ لِلْمُضَارِبِ فَيَشْتَرِكُ رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ فِي الرِّبْحِ إذْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ هُوَ الِاشْتِرَاكُ فِي هَذَا الرِّبْحِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً فَيُصْبِحُ الْمُضَارِبُ أَجِيرًا وَفِي هَذَا الْحَالِ فَيَعُودُ كُلُّ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَيَأْخُذُ الْمُضَارِبُ أَجْرَ مِثْلِهِ كَمَا يُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (١٤٢٦) . (الْبَحْرُ) وَإِذَا خَالَفَ الْمُضَارِبُ أَمْرَ رَبِّ الْمَالِ يَكُونُ غَاصِبًا وَيَعُودُ الرِّبْحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةَ هِيَ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute