سُؤَالٌ - إذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ وَتَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي فَالضَّمَانُ يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الثَّانِيَ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٩٠) أَمَّا هُنَا فَقَدْ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِرَبِّ الْمَالِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَمَا الْفَرْقُ؟ الْجَوَابُ - لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي نَفْعٌ فِي قَبْضِ الْوَدِيعَةِ بَلْ قُبِضَتْ الْوَدِيعَةُ لِنَفْعِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ أَمَّا هُنَا فَقَدْ قَبَضَ الْمُضَارِبُ الثَّانِي الْمَالَ لِمَنْفَعَتِهِ وَعَمِلَ بِهِ فَلَزِمَهُ الضَّمَانُ (الْجَوْهَرَةُ) وَلَوْ دَفَعَ الثَّانِي مُضَارَبَةً إلَى ثَالِثٍ وَرَبِحَ الثَّالِثُ أَوْ وَضَعَ فَإِنْ قَالَ الْأَوَّلُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّ الثَّلَاثَةِ وَيَرْجِعُ الثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَالْأَوَّلُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ إذَا ضَمَّنَهُ رَبُّ الْمَالِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَوَّلِ وَضَمِنَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا ضَمِنَ رَبُّ الْمَالِ فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ الْمُنْعَقِدَةُ بَيْنَ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَالْمُضَارِبِ الثَّانِي صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ الْأَوَّلَ بِضَمَانَةِ الْمَالَ يَمْلِكُهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ حُصُولِ الْمُخَالَفَةِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَدْ أَعْطَى مَالَهُ مُضَارَبَةً وَفِي هَذَا الْحَالِ يُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ (وَصَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا وَيَطِيبُ لِلثَّانِي مَا رَبِحَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالْعَمَلِ وَلَا خُبْثَ فِي الْعَمَلِ وَلَا يَطِيبُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِمِلْكِهِ الْمُسْتَنِدِ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ وَلَا يَعْرَى عَنْ نَوْعِ خُبْثٍ) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَإِذَا ضَمَّنَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ الثَّانِيَ فَلِلْمُضَارِبِ الثَّانِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ بِمَا ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ الثَّانِيَ كَانَ عَامِلًا لِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَقَدْ غَرَّرَ الْمُضَارِبَ الثَّانِي ضَمِنَ الْعَقْدَ. قَدْ بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَدَمُ جَوَازِ خَلْطِ الْمُضَارِبِ رَأْسَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ أَجْنَبِيٍّ، وَلَكِنْ إذَا خَلَطَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ الَّذِي أُعْطِيَ لَهُ بِعَقْدِ مُضَارَبَةٍ بِرَأْسِ مَالٍ مُضَارَبَةٍ آخَرَ سُلِّمَ لَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَحُكْمُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ أَعْطَاهُ ثَانِيًا بِعَقْدٍ آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مُضَارَبَةً وَخَلَطَ الْمُضَارِبُ رَأْسَيْ الْمَالِ هَذَيْنِ فَفِي ذَلِكَ أَوْجُهٌ ثَلَاثَةٌ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ قَدْ قَالَ لِلْمُضَارِبِ فِي الْعَقْدَيْنِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَتَوَجَّبُ عَلَى الْمُضَارِبِ ضَمَانٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَصَلَ هَذَا الْخَلْطُ بَعْدَ حُصُولِ الرِّبْحِ فِي رَأْسَيْ الْمَالِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ. الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ لَا يُقَالَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدَيْنِ.
وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا وَقَعَ الْخَلْطُ قَبْلَ حُصُولِ الرِّبْحِ فِي الْمَالَيْنِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ ضَمَانٌ فِي أَيِّهِمَا، وَإِذَا وَقَعَ الْخَلْطُ بَعْدَ حُصُولِ الرِّبْحِ فِي رَأْسَيْ الْمَالِ فَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ رَأْسَيْ الْمَالِ كَمَا يَضْمَنُ مِقْدَارَ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي حَصَلَ قَبْلَ الْخَلْطِ، وَإِذَا حَصَلَ الْخَلْطُ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي أَحَدِ رَأْسَيْ الْمَالِ فَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ رَأْسَ الْمَالِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ رِبْحُهُ فَقَطْ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - أَنْ يُقَالَ فِي أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، وَأَنْ لَا يُقَالَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذَا الْحَالِ أَرْبَعُ صُوَرٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute