مِثَالٌ لِلرِّسَالَةِ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: (خُذْ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ وَلْيَبِعْهُ) أَوْ قَالَ (اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ وَأَخْبِرْهُ أَنْ يَبِيعَ مَالِي الْفُلَانِيَّ الَّذِي عِنْدَهُ) وَبَاعَ الْآخَرُ الْمَالَ بَعْدَ تَبَلُّغِهِ هَذَا الْخَبَرَ كَانَتْ الْوَكَالَةُ وَالْبَيْعُ صَحِيحَيْنِ.
كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ شَخْصًا غَائِبًا بِأَمْرٍ مَا فَبَلَّغَهُ أَحَدٌ خَبَرَ الْوَكَالَةِ، وَقَبِلَ الْآخَرُ الْوَكَالَةَ انْعَقَدَتْ الْوَكَالَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُ عَادِلًا أَوْ مَسْتُورَ الْحَالِ أَمْ كَانَ غَيْرَ عَادِلٍ، وَسَوَاءٌ أَأُعْطِيَ الْخَبَرَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ أَمْ أُخْبِرَ بِهِ رِسَالَةً مِنْ طَرَفِ الْآمِرِ وَسَوَاءٌ أَصَّدَّقَ الْغَائِبُ هَذَا الْخَبَرَ أَمْ كَذَّبَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَكِيلًا فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ كُلِّهَا (الْهِنْدِيَّةُ) ٣ - قَدْ وَكَّلْتُ: أَلْفَاظُ الْوَكَالَةِ كَالتَّوْكِيلِ، وَالْإِذْنِ، وَالتَّفْوِيضِ، وَالْأَمْرِ (كَأَعْمَالِ الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ) وَالرِّضَاءِ وَالْمَشِيئَةِ، وَالْإِرَادَةِ، وَالْوِصَايَةِ، وَالتَّسْلِيطِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلْنُفَصِّلْ الْآنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ التِّسْعَةَ. أَوَّلُهَا، التَّوْكِيلُ: إنَّ إيضَاحَ هَذَا مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. الثَّانِي، الْإِذْنُ، سَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. الثَّالِثُ، التَّفْوِيضُ، مَثَلًا لَوْ قَالَ مَالِكُ الْمُسْتَغَلَّاتِ لِآخَرَ: قَدْ فَوَّضْتُ إلَيْكَ أَمْرَ مُسْتَغَلَّاتِي وَآجَرَ الْمَالَ الْمُسْتَغَلَّاتِ لِآخَرَ فَلِلْمُفَوَّضِ إلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ أُجْرَتَهَا وَيَأْخُذَهَا، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ فَوَّضْتُ لَكَ أَمْرَ دَوَابِّي فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ حِفْظُ دَوَابِّهِ وَمَمَالِيكِهِ وَرَعْيُهَا وَعَلْفُهَا وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا (الْبَحْرُ) الرَّابِعُ، الْأَمْرُ، لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اعْمَلْ شُغْلِي الْفُلَانِيَّ، كَبِعْ دَارِي مَثَلًا، فَيَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ (الْبَحْرُ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اشْتَرِ هَذَا الْفَرَسَ وَأَعْطَاهُ ثَمَنَهُ فَيَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ وَإِنْ لَمْ يُضِفْ قَيْدَ (خُذْهُ) إلَى ذَلِكَ وَسَتُوَضَّحُ مَسْأَلَةُ كَوْنِ الْأَمْرِ تَوْكِيلًا فِي الْمَادَّةِ (٤٥٥ ١) الْخَامِسُ الرِّضَا، لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّنِي رَاضٍ بِبَيْعِكَ فَرَسِي هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ تَوْكِيلًا بِالْبَيْعِ. السَّادِسُ، الْمَشِيئَةُ كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: شِئْتُ أَنْ تَبِيعَ دَارِي هَذِهِ. السَّابِعُ، الْإِرَادَةُ، لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبِيعَ هَذِهِ يَكُونُ تَوْكِيلًا (الْجَوْهَرَةُ) الثَّامِنُ، الْوِصَايَةُ، كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ جَعَلْتُكَ وَصِيًّا لِبَيْعِ دَارِي فِي حَيَاتِي. أَمَّا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَهُ (أَنْتَ وَصِيِّي) فَلَا تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ اُنْظُرْ الْخَانِيَّةَ وَالْمَادَّةَ (٣) وَشَرْحَهَا.
التَّاسِعُ، التَّسْلِيطُ، لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى بَيْعِ مَالِي الْفُلَانِيِّ، فَيَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) غَيْرُ لَازِمٍ، الْوَكَالَةُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَبَرُّعٌ وَلَا لُزُومَ فِي التَّبَرُّعَاتِ وَتَتَفَرَّعُ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَا يَدْخُلُ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْوَكَالَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) اُنْظُرْ الشَّرْحَ الَّذِي قُبَيْلَ الْمَادَّةِ (الـ ٣٠٠) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ أَحَدًا بِبَيْعِ مَالِهِ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، كَانَتْ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً، وَالشَّرْطُ بَاطِلًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ الْهِنْدِيَّةُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute