الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، لَوْ ادَّعَى الْوَكَالَةَ وَأَثْبَتَهَا، فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ مَقْصُودًا صَحِيحًا فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّ فُلَانًا قَدْ وَكَّلَنِي بِالْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ وَلَدَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ، فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ، فَلَوْ رَاجَعَ أَحَدٌ الْمَحْكَمَةَ مُدَّعِيًا: إنَّنِي وَكِيلٌ لِفُلَانٍ وَأَرَادَ إثْبَاتَ مُدَّعَاهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إنَّ الْوَكَالَةَ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِهَا قَصْدًا، إلَّا أَنَّهَا يَصِحُّ الْحُكْمُ إذَا كَانَتْ ضِمْنَ دَعْوَى، وَذَلِكَ كَالدَّعْوَى فِي مُوَاجَهَةِ غَرِيمٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٤ ٥) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي دَعْوَاهُ: إنَّ لِفُلَانٍ عَلَى هَذَا الشَّخْصِ دَيْنًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَإِنَّنِي وَكِيلٌ عَنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ فِي قَبْضِهِ وَفِي الدَّعْوَى بِهِ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ، فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي وَكَالَتَهُ عَنْ الْغَائِبِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِوَكَالَتِهِ عَنْ الْغَائِبِ وَبِتَسْلِيمِهِ الْمَبْلَغَ الْمُدَّعَى بِهِ (الدُّرَرُ بِإِيضَاحٍ) ، (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٥١٦) الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، كَمَا أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلَ وَكِيلِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ يُرِيدُ فَلِلْوَكِيلِ أَيْضًا أَنْ يَسْتَقِيلَ مِنْ الْوَكَالَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ. اسْتِثْنَاءٌ: تَلْزَمُ الْوَكَالَةُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ، وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٥٢١) (الْبَحْرُ) .
الْوَجْهُ الثَّانِي، يَكُونُ الْإِيجَابُ صَرَاحَةً وَالْقَبُولُ دَلَالَةً، فَلَوْ لَمْ يَتَكَلَّمْ الْوَكِيلُ شَيْئًا، بِنَاءً عَلَى إيجَابِ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ، وَحَاوَلَ إجْرَاءَ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُوَكَّلِ بِهِ، فَيَكُونُ قَدْ قَبِلَ الْوَكَالَةَ دَلَالَةً وَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا يَعْنِي يَكُونُ سُكُوتُهُ دَلِيلًا عَلَى الْقَبُولِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٧) (أَبُو السُّعُودِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَدِمَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ أَنْ قَامَ الْوَكِيلُ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ فَلَا فَائِدَةَ مِنْ نَدَمِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سَتُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٤٥٩ ١) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (أَرْغَبُ أَوْ أُرِيدُ أَنْ تَبِيعَ مَالِي هَذَا) وَحَاوَلَ الْوَكِيلُ إجْرَاءَ ذَلِكَ الْأَمْرِ فَيَكُونُ تَصَرُّفًا صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَبِلَ الْوَكَالَةَ (الْهِنْدِيَّةُ) لَكِنْ لَا يَتَقَيَّدُ الْقَبُولُ لَفْظًا أَوْ دَلَالَةً بِمَجْلِسِ الْإِيجَابِ، يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ مَالِي الْفُلَانِيِّ، وَسَكَتَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَقَبِلَ صَرَاحَةً فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَوْ حَاوَلَ بَيْعَهُ فِي مَكَان آخَرَ كَانَ صَحِيحًا. كَذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ: إنَّ قَبُولَ الْوَكِيلِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ اسْتِحْسَانًا لَكِنْ لَوْ رَدَّ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ رُدَّتْ، وَسُكُوتُ الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَبُولٌ أَمَّا لَوْ رَدَّ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ بَعْدَ الْإِيجَابِ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْإِيجَابِ، وَلَا تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ وَإِنْ قَبِلَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَيْعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٨٣) ، مَا لَمْ يُجَدِّدْ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِالْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَقْبَلُ.
وَبَاشَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute