النَّوْعُ الثَّانِي، التَّقْيِيدُ يَعْنِي التَّقْيِيدَ بِدَلَالَةِ حَالِ الْمُوَكِّلِ. كَذَلِكَ سَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ (الـ ٤٨٧ ١) . الْخُصُوصُ وَالتَّقْيِيدُ هُمَا أَصْلٌ فِي الْوَكَالَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَقْيِيدِ الْمُوَكِّلِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُوَكَّلِ، فَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: قَدْ أَمَرْتُكَ بِالْبَيْعِ نَقْدًا، بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ نَسِيئَةً، وَقَالَ لَهُ الْوَكِيلُ: قَدْ أَطْلَقْتُ، فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: إنَّك بِعْته بِخَمْسِمِائَةٍ مَعَ أَنَّنِي أَمَرْتُ بِبَيْعِهِ بِأَلْفٍ، وَقَالَ لَهُ الْوَكِيلُ: أَطْلَقْتُ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُسْتَفَادٌ مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَتُوَضَّحُ هَذِهِ الصُّورَةُ بِخَمْسَةِ ضَوَابِطَ: الضَّابِطُ الْأَوَّلُ، كَوْنُ الْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُوَكِّلُ ذَا فَائِدَةٍ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ مُرَاعَاةُ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ نَهَى الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ عَنْ السَّيْرِ عَلَى خِلَافِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَمْ يَنْهَهُ وَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ مِنْ هَذَا الضَّابِطِ هِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ سَاعَتِي هَذِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَتْ وَكَالَتُهُ مُقَيَّدَةً بِأَنْ لَا يَبِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ، حَتَّى أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِأَنْقَصَ. فَإِنْ بَاعَ كَانَ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٩٥ ١) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، إذَا قُيِّدَتْ الْوَكَالَةُ بِالشِّرَاءِ بِقَيْدٍ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ مُخَالَفَتُهُ فَإِنْ خَالَفَ فَلَا يَنْفُذُ شِرَاؤُهُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَكَانَ الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ لَهُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٧٩ ١)
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي جُوخًا لِلْجُبَّةِ، فَإِذَا لَمْ يَكْفِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْجُوخِ جُبَّةً، فَلَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، وَيَكُونُ الْجُوخُ لِلْوَكِيلِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٨ ١) الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ وَكَّلَهُ نَقْدًا، صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ نَسِيئَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٨ ٤ ١) قَالَ: بِعْهُ وَبِعْ بِالنَّقْدِ، يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّسِيئَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (التَّكْمِلَةُ) الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ، لَوْ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ: بِعْهُ بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ بِلَا رَهْنٍ وَلَا كَفِيلٍ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١ ٠ ١٥) الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِدُونِ خِيَارِ شَرْطٍ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لَا تَبِعْهُ بِدُونِ خِيَارِ شَرْطٍ. فَإِنْ بَاعَهُ كَانَ الْبَيْعُ فُضُولِيًّا. فَإِنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ نَافِعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ لِلْحَالِ فَيَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ مُرَاعَاتُهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْ مَالِي هَذَا مِنْ فُلَانٍ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ قَدْ يَكُونُ مُقَيِّدًا لِلْمُوَكِّلِ بِأَنْ يَكُونَ غَنِيًّا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الثَّمَنُ، وَإِنَّمَا رَضِيَ بِكَوْنِهِ فِي ذِمَّةِ مَنْ سَمَّاهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي مُلَاءَمَةِ الذِّمَمِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ مَنْ سَمَّاهُ. إذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ: بِعْهُ وَبِعْهُ لِخَالِدٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَيَحْمِلُ الْمَشُورَةَ (التَّكْمِلَةُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute