للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ، أَنْ يَدَّعِيَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ أَعْطَى النُّقُودَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ إلَى الدَّائِنِ، وَأَنْ يُكَذِّبَ الْمَدِينُ وَالدَّائِنُ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ يَعْنِي كَمَا أَنَّ الْمَدِينَ الْمُوَكِّلَ يَقُولُ لِوَكِيلِهِ أَنْتَ لَمْ تُعْطِ النُّقُودَ لِدَائِنِي، يَقُولُ الدَّائِنُ أَيْضًا لَمْ آخُذْ دَيْنِي مِنْ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ. وَفِي هَذَا الْحَالِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ بِبَرَاءَةِ نَفْسِهِ مَعَ الْيَمِينِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (١٧٧٤) يَعْنِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ تِلْكَ النُّقُودَ. وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ أَيْ الْمَدِينَ أَدَاءُ دَيْنِهِ، وَتَكُونُ خَسَارَةُ النُّقُودِ الْمُعْطَاةِ لِلْوَكِيلِ عَائِدَةً عَلَى الْمَدِينِ الْمُوَكِّلِ، لَكِنْ لَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الدَّائِنِ وَالْمَأْمُورِ أَيْ الْوَكِيلِ كِلَاهُمَا مَعًا، وَإِنَّمَا يُصَدِّقُ الْمَدِينُ أَوْ وَكِيلُهُ الَّذِي هُوَ الْمَأْمُورُ أَوْ دَائِنُهُ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا صَدَّقَ ادِّعَاءَ الْمَأْمُورِ قَوْلَهُ (أَعْطَيْتُ لِلدَّائِنِ) وَكَذَّبَ قَوْلَ دَائِنِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْ، وَلَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ قَبْضِ الدَّائِنِ بِالْبَيِّنَةِ، فَيَحْلِفُ الدَّائِنُ الْيَمِينَ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ وَإِذَا نَكَلَ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ مِنْ الْمَأْمُورِ، لِذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ تَكْرَارًا مِنْ الْمَدِينِ.

وَإِذَا صَدَّقَ ادِّعَاءَ دَائِنِهِ (لَمْ أَقْبِضْ) وَكَذَّبَ مَأْمُورَهُ فِي قَوْلِهِ (أَعْطَيْتُ الدَّائِنَ) فَيَسْتَحْلِفُ الْمَأْمُورَ عَلَى كَوْنِهِ دَفَعَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلدَّائِنِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ. فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ الْمَأْمُورُ تِجَاهَ مُوَكِّلِهِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (١٧٧٤) . لَكِنْ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ إعْطَاءُ دَيْنِهِ لِدَائِنِهِ. وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الْمَأْمُورُ الْمَبْلَغَ الْمَأْخُوذَ لِمُوَكِّلِهِ الَّذِي هُوَ آمِرُهُ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ) . النَّوْعُ الثَّالِثُ - أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ وَكِيلًا بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَالِ الْمَضْمُونِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يَدِهِ، وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْمَأْمُورِ مَضْمُونًا وَلَيْسَ بِمَالِ أَمَانَةٍ وَلَمْ يَصْدُقْ الْمَأْمُورُ تِجَاهَ آمِرِهِ قَوْلَهُ (قَدْ أَعْطَيْتُهُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أَمَرْتُ) فَيَلْزَمُهُ إثْبَاتُ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ. مَثَلًا: لَوْ أَمَرَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ قَائِلًا أَعْطِ دَيْنِي الَّذِي عَلَيْك لِدَائِنِي فُلَانٍ، وَادَّعَى الْمَدِينُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّنِي أَعْطَيْتُ أَلْفَ دِرْهَمٍ الَّذِي هُوَ دَيْنِي بِنَاءً عَلَى أَمْرِكَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: لَمْ آخُذْهُ فَيُجْبَرُ عَلَى إثْبَاتِ إعْطَائِهِ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِالْبَيِّنَةِ، وَمَا لَمْ يُثْبِتْ لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. إلَّا إذَا صَدَّقَ الْآمِرُ يَعْنِي الدَّائِنَ أَنَّ الْمَدِينَ قَدْ أَعْطَى ذَلِكَ الشَّخْصَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقَرَّ بِهِ، وَيَبْرَأُ الْمَدِينُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ مِنْ الدَّيْنِ، لَكِنْ لَا يَثْبُتُ الْقَبْضُ فِي حَقِّ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ بِتَصْدِيقِ الدَّائِنِ مَدِينَهُ بِادِّعَائِهِ ادِّعَاءَ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ اسْتِيفَاءِ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِالْبَيِّنَةِ، فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْقَبْضِ مَعَ الْيَمِينِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَيَسْتَوْفِي ذَلِكَ الشَّخْصُ دَيْنَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ. وَإِذَا كَذَّبَ الْآمِرُ الْمَأْمُورَ فِي ادِّعَائِهِ إعْطَاءَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْمَأْمُورُ الْإِثْبَاتَ أَيْضًا فَلَهُ طَلَبُ يَمِينِ الْآمِرِ. يَحْلِفُ الْآمِرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِإِعْطَاءِ الْمَأْمُورِ الْمَبْلَغَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَإِنْ حَلَفَ الْآمِرُ أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْمَأْمُورِ، وَإِنْ نَكَلَ سَقَطَ الدَّيْنُ عَنْ الْمَأْمُورِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

إيضَاحُ الِاسْتِيفَاءِ - وَالْوَكَالَةُ بِالِاسْتِيفَاءِ أَيْضًا عَلَى نَوْعَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>