للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا صَدَّقَ الْمَدِينُ كَلَامَ الْمَأْمُورِ بِإِيفَائِهِ الدَّيْنَ لَزِمَ الْمَدِينَ أَدَاؤُهُ إلَيْهِ. وَلَيْسَ لِلْمَدِينِ أَنْ يَقُولَ لِلْمَأْمُورِ إنِّي أَعْرِفُ أَنَّكَ قَدْ أَوْفَيْتَ الدَّيْنَ لِدَائِنِي، لَكِنْ قَدْ يُنْكِرُ الدَّائِنُ الْقَبْضَ مِنْكَ وَيَأْخُذُ الدَّيْنَ مِنِّي ثَانِيَةً وَيَمْتَنِعُ عَنْ إيفَائِهِ مَا أَعْطَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٤) لَكِنْ لَوْ حَضَرَ الدَّائِنُ مُؤَخَّرًا وَأَنْكَرَ اسْتِيفَائَهُ الدَّيْنَ مِنْ الْوَكِيلِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ لَدَى عَدَمِ الْإِثْبَاتِ وَأَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ دَيْنَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَلِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ مَا أَعْطَاهُ مِنْ الْوَكِيلِ. وَلَا يَمْنَعُ الْمُوَكِّلَ مِنْ الرُّجُوعِ تَصْدِيقُهُ قَوْلَ الْوَكِيلِ (أَعْطَيْتُهُ لِلدَّائِنِ) قَبْلًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَأْمُورُ وَكِيلًا بِشِرَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ بِمِثْلِهِ وَبِإِعْطَاءِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ فَيَسْتَطِيعُ الْمَأْمُورُ الرُّجُوعَ عَلَى الْآمِرِ فِي حَالَةِ بَقَاءِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَى الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ سَالِمًا لِنَفْسِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٩١ ١) . أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ سَالِمًا فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ، وَإِذَا بَقِيَ الْمَبِيعُ كَالْمُشْتَرَى سَالِمًا لَهُ يُؤْمَرُ حِينَئِذٍ بِتَأْدِيَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ سَالِمًا لِضَبْطِ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ لِتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَأْدِيَةِ الثَّمَنِ (الْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَثَلًا لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِلًا أَوْفِ لِفُلَانٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ هِيَ بِذِمَّتِي، وَأَخْبَرَهُ الْمَأْمُورُ بِأَنَّهُ أَوْفَاهَا، وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ بَعْدَ أَخْذِ الدَّائِنِ مِنْ الْآمِرِ بَعْدَ أَنْ عَجَزَ الْمَدِينُ عَنْ إثْبَاتِ دَفْعِ الْوَكِيلِ وَبَعْدَ حَلِفِ الْمَدِينِ الْيَمِينَ، فَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى آمِرِهِ بِمَا أَوْفَاهُ. النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يُعْطِيَ الْمُوَكِّلُ الشَّخْصَ الَّذِي سَيَكُونُ وَكِيلًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَنْ يَأْمُرَهُ بِدَفْعِهَا لِشَخْصٍ لَهُ بِذِمَّتِهِ هَذَا الْمَبْلَغُ.

وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - هُوَ أَنْ يُقِرَّ الدَّائِنُ بِأَخْذِهِ دَيْنَهُ مِنْ الْوَكِيلِ بِالْإِيفَاءِ، أَوْ يُثْبِتُ بِالشُّهُودِ الْعَادِلَةِ، أَوْ بِنُكُولِ الدَّائِنِ عَنْ الْيَمِينِ، وَفِي هَذَا الْحَالِ فَكَمَا أَنَّ الْمَدِينَ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ يَبْرَأُ الْوَكِيلُ أَيْضًا، وَلَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - هُوَ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَكِيلُ إيفَاءَهُ الدَّيْنَ، وَمَعَ تَصْدِيقِ الْمَدِينِ الَّذِي هُوَ مُوَكِّلُهُ دَعْوَاهُ كَمُنْكِرِ الدَّائِنِ ذَلِكَ وَأَنْ يَحْلِفَ الدَّائِنُ لَدَى التَّكْلِيفِ عَلَى عَدَمِ اسْتِيفَائِهِ إيَّاهُ عِنْدَ عَدَمِ إثْبَاتِ أَخْذِ الدَّائِنِ وَقَبْضِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَالْقَوْلُ لِلدَّائِنِ بِكَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ الدَّيْنَ مَعَ الْيَمِينِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٨) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْمَدِينُ الْمُوَكِّلُ مُلْزَمًا بِأَدَاءِ دَيْنِهِ لِلدَّائِنِ. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ يَعْنِي الْمَدِينَ الْمَذْكُورَ أَنْ يَقُولَ لِوَكِيلِهِ: (بِمَا أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّكَ لَمْ تُعْطِ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِدَائِنِي فَأُرِيدُ أَنْ تُرْجِعَهُ إلَيَّ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَمِينٍ يَدَّعِي إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى أَهْلِهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مَعَ الْيَمِينِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٧٧٤) ، وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الْمَدِينَ يَعْتَقِدُ بِإِنْكَارِ الدَّائِنِ الْقَبْضَ وَاسْتِيفَاءَهُ الدَّيْنَ ثَانِيَةً أَنَّهُ ظَالِمٌ وَهُوَ مَظْلُومٌ وَلَيْسَ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَظْلِمَ آخَرَ، أَيْ يَظْلِمَ وَكِيلَهُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٢١) . وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ الشَّخْصِ فَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٤٦٣ ١)

<<  <  ج: ص:  >  >>