للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ لِلْمَدِينِ مُرَاجَعَةُ هَذَا الْوَكِيلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ وَرَثَةَ الدَّائِنِ تَكُونُ قَدْ ظَلَمَتْ الْمَدِينَ لِأَخْذِهَا الدَّيْنَ مَرَّةً ثَانِيَةً حَالَ كَوْنِ مُوَرِّثِهِمْ الدَّائِنِ قَدْ اسْتَوْفِي ذَلِكَ الدَّيْنَ بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ؛ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمَظْلُومِ وَهُوَ الْمَدِينُ أَنْ يَظْلِمَ غَيْرَهُ أَيْ يَظْلِمَ الْوَكِيلَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٢١) ثَانِيهَا، وَإِيجَابُ الضَّمَانِ لِلْغَيْرِ يَعْنِي لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ: (أَخَذْت الدَّيْنَ وَسَلَّمْته إلَى مُوَكَّلِي الدَّائِنِ) فَفِي حِكَايَتِهِ هَذِهِ إلْزَامُ الْمُوَكِّلِ الْمُتَوَفَّى بِالضَّمَانِ؛ وَلِأَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا، إذْ يَثْبُتُ لِلْمَدِينِ فِي ذِمَّةِ الدَّائِنِ مِثْلُ مَطْلُوبِ الدَّائِنِ وَيَكُونُ تَقَاصَّا بَيْنَ الدَّيْنَيْنِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ هَذَا عَلَى الْمُوَكِّلِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَلْزَمُ وَرَثَةَ الْمَدِينِ إثْبَاتُ دَفْعِهِ إلَى الدَّائِنِ وَتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ، وَالطَّحْطَاوِيُّ، وَالْأَنْقِرْوِيُّ، وَالْبَهْجَةُ، الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْخَيْرِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْوَكَالَةِ بِزِيَادَةٍ وَإِيضَاحٍ) وَسَنَذْكُرُ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَكَالَةِ بِقَبْضٍ فِي شَرْحِ مِثَالِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ ضَابِطٌ لِلْمُوَكَّلِ بِهِ لَيْسَ بِتَعْرِيفٍ لَهُ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُنْتَقَضُ هَذِهِ بِتَوْكِيلِ أَحَدٍ آخَرَ بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَهُ بِالذَّاتِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٤٤٩) ؛ لِأَنَّ إبْطَالَ الْقَوَاعِدِ يَكُونُ بِإِبْطَالِ الطَّرْدِ أَيْ بِإِبْطَالِ التَّلَازُمِ فِي الثُّبُوتِ وَلَيْسَ بِإِبْطَالِ الْعَكْسِ أَيْ إبْطَالِ التَّلَازُمِ فِي الِانْتِفَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الطَّرْدُ: هُوَ مَا يُوجِبُ الْحُكْمَ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهُوَ التَّلَازُمُ فِي الثُّبُوتِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الْعَكْسُ: هُوَ التَّلَازُمُ فِي الِانْتِفَاءِ بِمَعْنَى كُلَّمَا لَمْ يَصْدُقْ الْحَدُّ لَمْ يَصْدُقْ الْمَحْدُودُ، وَقِيلَ الْعَكْسُ عَدَمُ الْحُكْمِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ (تَعْرِيفَاتُ السَّيِّدِ) مَثَلًا: إبْطَالُ قَاعِدَةِ (كُلُّ إنْسَانٍ نَاطِقٌ) يَكُونُ بِأَدَاةِ بَعْضِ مَنْ لَمْ يَكُنْ نَاطِقًا مِنْ بَنِي الْإِنْسَانِ وَلَا يَحْصُلُ بِأَدَاةِ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ النَّاطِقَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ بَنِي الْإِنْسَانِ يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِمْ يُوَكِّلُ مَا يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ مِمَّا يَمْلِكُهُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ مُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ، وَمَعَ أَنَّ الَّذِي يَمْلِكُ بَيْعَ الْخَمْرِ وَلَا يَمْلِكُ تَوْكِيلَ الْمُسْلِمِ فِيهِ وَالْمُسْلِمُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ الْخَمْرِ وَيُوَكِّلُ الذِّمِّيَّ فِيهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ وَإِنْ مَلَكَ التَّصَرُّفَ لَا يَمْلِكُ تَوْكِيلَ الْمُسْلِمَ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالْمُسْلِمُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْخَمْرِ لِعَارِضِ النَّهْيِ، وَأَمَّا أَصْلُ التَّصَرُّفِ وَهُوَ الْبَيْعُ فَجَائِزٌ، وَلِذَلِكَ ' صَحَّ تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ بَيْعَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) مُسْتَثْنَيَاتُ هَذَا الضَّابِطِ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الضَّابِطِ ثَلَاثَةُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْمُبَاحَاتُ، وَيَعْنِي: التَّوْكِيلُ فِي الْمُبَاحَاتِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالِاحْتِطَابِ يَعْنِي بِجَمْعِ الْحَطَبِ مِنْ الْجَبَلِ الْمُبَاحَةِ وَبِالِاحْتِشَاشِ أَيْ يَجْمَعُ الْحَشِيشَ وَإِخْرَاجِ الْجَوَاهِرِ وَالْمَعَادِنِ مِنْ الْأَرْضِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ حَتَّى إنَّ مَا يُحَصِّلُهُ الْوَكِيلُ يُعَدُّ مَالًا لَهُ لَيْسَ لِمُوَكَّلِهِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٣٣٣) (الْهِنْدِيَّةُ وَتَكْمِلَهُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) فَهَا هُوَ لَمْ يُجِزْ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالِاحْتِطَابِ مَعَ أَنَّ لَهُ الْحَقَّ فِي أَنْ يَحْتَطِبَ بِنَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>