للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، الِاسْتِقْرَاضُ، يَعْنِي أَنَّ الْوَكَالَةَ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ فِي الْقَرْضِ لَيْسَتْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَتَثْبُتُ بِالْقَبْضِ فَقَطْ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَصِحُّ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَأْمُرَ وَكِيلَهُ بِحَقِّ قَبْضِ الْمَقْرُوضِ؛ لِأَنَّ الْمَقْرُوضَ مِلْكٌ لِلْغَيْرِ، وَالْأَمْرُ الَّذِي عَلَى سَبِيلِ الْقَبْضِ وَالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٦) ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ فِيهِ لَا يَجِبُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْقَبْضِ وَالْأَمْرُ بِالْقَبْضِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَثْبُتُ بِالْعَقْدِ فَيَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِالِاسْتِقْرَاضِ وَأَضَافَ الْقَرْضَ إلَى نَفْسِهِ نَفَذَ هَذَا الْعَقْدُ عَلَى الْوَكِيلِ وَكَانَ الْقَرْضُ عَائِدًا عَلَى الْوَكِيلِ. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْوَكِيلِ جَبْرًا (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (اذْهَبْ إلَى الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ وَاسْتَقْرَضَ لِي مِنْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ) وَذَهَبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ إلَى الْمُسْتَقْرَضِ مِنْهُ وَقَالَ لَهُ: أَقْرِضْنِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ. وَاسْتَقْرَضَ بِإِضَافَةِ الْقَرْضِ إلَى نَفْسِهِ كَانَ هَذَا الْمَبْلَغُ مِلْكًا لِلْوَكِيلِ. وَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ عَادَتْ الْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ إلَى مُوَكِّلِهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ الْهِنْدِيَّةُ) لَكِنَّ الرِّسَالَةَ بِالِاسْتِقْرَاضِ صَحِيحَةٌ يَعْنِي لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِالِاسْتِقْرَاضِ وَأَضَافَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ حِينَ الِاسْتِقْرَاضِ إلَى مُوَكِّلِهِ صَحَّ وَكَانَ الْقَرْضُ لِمُوَكِّلِهِ (الْبَحْرُ) . فَلَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ كِتَابًا قِيمَتُهٌ أَلْفَ قِرْشٍ وَقَالَ: اقْصِدْ إلَى فُلَانٍ أَعْطِهِ هَذَا الْكِتَابَ وَاسْتَقْرِضْ مِنْهُ لِأَجْلِي أَلْفَ قِرْشٍ وَارْهَنْ هَذَا الْكِتَابَ فِي مُقَابِلِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَبَعْد أَنْ وَكَّلَ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَالرَّهْنِ، أَيْ بَعْدَ أَنْ عَيَّنَهُ رَسُولًا فَقَصَدَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَالَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا يَطْلُبُ مِنْك أَنْ تُقْرِضَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيُرْهِنَ عِنْدَك هَذَا الْكِتَابَ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ. وَأَقْرَضَ ذَلِكَ الشَّخْصُ، كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْ الْمُسْتَقْرِضِ. وَيَكُونُ الْكِتَابُ مَرْهُونًا مِنْ قِبَلِهِ، وَيَكُونُ تَخْلِيصُ ذَلِكَ الرَّهْنِ وَظِيفَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَيْسَ وَظِيفَةُ الرَّسُولِ. لَكِنْ لَوْ أَضَافَ الرَّسُولُ الْقَرْضَ وَكَذَا الرَّهْنَ إلَى نَفْسِهِ، يَعْنِي لَوْ قَصَدَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَالَ لَهُ: أَقْرِضْنِي أَلْفَ قِرْشٍ وَخُذْ فِي مُقَابِلِ الْمَبْلَغِ هَذَا الْكِتَابَ رَهْنًا، وَقَبِلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ الْأَلْفُ قِرْشٍ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَيْسَ لِلْمُرْسِلِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ.

وَيَضْمَنُ الرَّسُولُ ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَانَ الْمُرْسِلُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْكِتَابِ الْحَقِيقِيَّةَ لِلرَّسُولِ الرَّاهِنِ، وَإِنْ شَاءَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا ضَمِنَ الْأَوَّلُ جَازَ الرَّهْنُ وَسَقَطَ الدَّيْنُ، وَإِنْ ضَمِنَ الثَّانِي أَخَذَ دَيْنَهُ، وَقِيمَةَ الْكِتَابِ مِنْ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٥٨) (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ بَيَّنَ الشَّخْصُ الَّذِي هُوَ رَسُولٌ لِلِاسْتِقْرَاضِ أَنَّهُ أَخَذَ النُّقُودَ مِنْ الْمُقْرِضِ، وَصَدَّقَهُ الْمُقْرِضُ أَيْضًا لَكِنْ أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ يَعْنِي الْمُرْسِلَ قَبْضَ الرَّسُولِ، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُرْسِلِ، (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْسِلَ الضَّمَانُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الرَّسُولِ قَبَضْتُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، الْيَمِينُ، يَعْنِي لِمَنْ تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهَا. لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِإِجْرَاءِ هَذَا الْيَمِينِ يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ عَلَى أَنْ تَحْلِفَ الْيَمِينَ مِنْ طَرَفِي فَلَا يَجُوزُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>