للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْوَكِيلِ وَكَانَ الْوَكِيلُ قَدْ أَعْطَى الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ لِمُوَكِّلِهِ. أَمَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَلَا يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ بَعْدَ الْقَبْضِ، فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ وَوَكَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ آخَرَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي نَشَأَ عَنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الدَّيْنَ وَرُدَّ الْمَبِيعُ بَعْدَئِذٍ بِخِيَارِ الْعَيْبِ يَطْلُبُ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ مِنْ الْوَكِيلِ الْقَابِضِ. رَابِعًا، لَا يَصِحُّ إبْرَاءُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ وَلَا حَطُّهُ وَلَا تَأْجِيلُهُ وَلَا أَخْذُهُ الرَّهْنَ وَلَا قَبُولُهُ الْحَوَالَةَ. أَمَّا تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فَصَحِيحٌ (الْبَحْرُ) . تَسْلِيمُ الدَّيْنِ فِي حَالَةِ عَدَمِ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ بِالْقَبْضِ بِالْبَيِّنَةِ: لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ: إنَّنِي وَكِيلٌ بِقَبْضِ مَا عَلَيْكَ لِفُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ وَصَدَّقَ الْوَكَالَةَ الْمَذْكُورَةَ (وَيَصِحُّ إثْبَاتُ التَّوْكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ مَعَ إقْرَارِ الْمَدِينِ بِهِ) لَزِمَ تَسْلِيمُ الدَّيْنِ لِلْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا وَالنُّقُودُ الَّتِي سَيُعْطِيهَا الْمَدِينُ لِلْوَكِيلِ هِيَ خَالِصُ حَقِّهِ فَتَصْدِيقُ الْمَدِينِ هَذَا إقْرَارٌ عَلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَيْهِ إذَا حَضَرَ الدَّائِنُ الْغَائِبُ بَعْدَ أَنْ أَعْطَى الْمَدِينُ دَيْنَهُ لِلْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ مِنْ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ.

وَلَوْ ادَّعَى أَنْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ وَكَالَةٌ مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ أَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ قَدْ أَقَرَّ بِعَدَمِ وَكَالَتِهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ وَإِثْبَاتُهُ لَا يُكَلَّفُ بِالْيَمِينِ أَيْضًا وَإِنْ أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ، لِسَعْيِهِ فِي نَقْضِ مَا أَوْجَبَهُ لِغَائِبٍ، نَعَمْ لَوْ بَرْهَنَ أَنَّ الطَّالِبَ جَحَدَ الْوَكَالَةَ وَأَخَذَ مِنْ الْمَالِ تُقْبَلُ. وَإِذَا حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّائِنُ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ وَكَالَةَ الْوَكِيلِ أَوْ كَذَّبَهَا وَأَثْبَتَ الْمَدِينُ كَوْنَهُ وَكِيلًا فَبِهَا، وَإِذَا لَمْ يُصَدَّقْ أَوْ يُثْبِتْ وَحَلَفَ الدَّائِنُ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يُوَكِّلْهُ يُؤْمَرُ الْمَدِينُ بِإِعْطَاءِ دَيْنِهِ لِدَائِنِهِ تَكْرَارًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ اسْتِيفَاءَ الدَّائِنِ بِإِنْكَارِ الْوَكَالَةِ. وَيُقْبَلُ قَوْلُ الدَّائِنِ بِشَأْنِ عَدَمِ تَوْكِيلِهِ الْقَابِضَ مَعَ الْيَمِينِ وَإِنْ دَفَعَ سُكُوتٌ لَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ إلَّا إذَا عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ وَإِنْ دَفَعَ عَنْ تَكْذِيبٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَإِنْ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيَسْتَرِدُّ الْمَدِينُ مَا أَعْطَاهُ لِلْوَكِيلِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَا أَعْطَاهُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَمْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا بِأَنْ اسْتَهْلَكَهُ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْمَدِينِ مِنْ إعْطَائِهِ لِلْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَلَمَّا لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْغَرَضُ فَلَهُ نَقْضُ قَبْضِهِ وَاسْتِرْدَادُ مَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِهِ، أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَقْبُوضُ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ لِلْمَدِينِ؛ لِأَنَّ الْمَدِينَ لَمَّا كَانَ مُعْتَرِفًا بِكَوْنِهِ مُحِقًّا فِي قَبْضِهِ بِتَصْدِيقِهِ وَكَالَتَهُ فِي الْأَوَّلِ فَكَانَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ أَمِينًا وَالْأَمِينُ لَا يَكُونُ ضَمِينًا. وَكَذَلِكَ الدَّائِنُ ظَالِمٌ بِأَخْذِهِ الدَّيْنَ ثَانِيَةً وَالْمَدِينُ مَظْلُومٌ وَالْمَظْلُومُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَظْلِمَ غَيْرَهُ وَيُصَدَّقُ فِي الْهَلَاكِ يَمِينُهُ كَمَا يُصَدَّقُ لَوْ ادَّعَى دَفْعَهُ لِمُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ يَدَّعِي إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحِقِّيهَا. فَإِنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ هَلَاكَهُ أَوْ دَفْعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ حَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَرِثَهُ غَرِيمُهُ أَوْ وَهَبَهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَخَذَهُ مِنْهُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَلَوْ هَالِكًا ضَمِنَهُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>