لَكِنْ إذَا لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مَحْجُورًا، تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْعَاقِدِ أَصَالَةً أَيْ إلَى الْوَكِيلِ، وَالْوَكِيلُ وَإِنْ كَانَ نَائِبًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَهُوَ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَيَكُونُ الْمُوَكِّلُ فِي الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ أَجْنَبِيًّا. وَسَوَاءٌ ذُكِرَ حِينَ التَّوْكِيلِ كَوْنُ الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ عَائِدَةً لِلْوَكِيلِ أَوْ لَمْ يُذْكَرْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا (التَّنْوِيرُ) .
قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي: إنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حَاضِرًا كَانَ كَالْمُبَاشِرِ بِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّوْكِيلُ بِشَرْطِ عَدَمِ عَوْدَةِ الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْوَكِيلِ كَانَتْ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً وَلَا حُكْمَ لِلشَّرْطِ (الْبَحْرُ، وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) الْوَكِيلُ أَصْلٌ فِي الْعَقْدِ بِدَلِيلِ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلَوْ كَانَ سَفِيرًا لَمَا اسْتَغْنَى، وَإِنَّمَا جُعِلَ نَائِبًا فِي الْحُكْمِ لِلضَّرُورَةِ كَيْ لَا يَبْطُلَ مَعْقُودُ الْمُوَكِّلِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ الْحُقُوقِ؛ وَلِأَنَّ الْعَاقِدَ الْآخَرَ اعْتَمَدَ رُجُوعَ الْحَقِّ إلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ لَتَضَرَّرَ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْمُوَكِّلِ مُفْلِسًا أَوْ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُطَالَبَتِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . تَتَفَرَّعُ الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ بِنَاءً عَلَى كَوْنِ الْوَكِيلِ أَصِيلًا فِي حُقُوقِ الْعَقْدِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ وَكَّلَ الْقَاضِي أَحَدًا بِبَيْعِ مَالِهِ وَأَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَوَقَعَتْ مُحَاكَمَةٌ بِطَلَبِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ رُدَّ الْبَيْعُ إلَى الْوَكِيلِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ، كَانَ لِلْقَاضِي الْمُومَى إلَيْهِ أَنْ يَسْتَمِعَ هَذِهِ الدَّعْوَى وَيَحْكُمَ عَلَى وَكِيلِهِ (الْبَحْرُ) وَالْحَالُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ أَصِيلًا وَكَانَ الْأَصِيلُ هُوَ الْمُوَكِّلُ أَيْ الْقَاضِي لَمَا كَانَ صَحِيحًا حُكْمُ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، إذَا تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى نَسِيئَةً تَحَوَّلَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ إلَى مُعَجَّلٍ، أَمَّا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَيَبْقَى الْأَجَلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إذَا تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ تَنْتَقِلُ الْحُقُوقُ الْمَذْكُورَةُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إلَى وَصِيِّ الْوَكِيلِ. وَلَيْسَ إلَى الْمُوَكِّلِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ وَصِيٌّ تُرْفَعُ الْكَيْفِيَّةُ إلَى الْقَاضِي فَيُعَيِّنُ لَهُ وَكِيلًا، وَهَذَا يَقُومُ بِحُقُوقِ الْعَقْدِ وَالْمَعْقُولُ هُوَ هَذَا، وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ تَنْتَقِلُ حُقُوقُ الْعَقْدِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَكِيلِ إلَى مُوَكِّلِهِ (التَّكْمِلَةُ، الطَّحْطَاوِيُّ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، الْبَهْجَةُ، الْبَحْرُ) .
قِيلَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مَحْجُورًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مَحْجُورًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١٤٥٨) فَلَا تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَيْهِ (الدُّرَرُ) . فَلَوْ كَانَ وَكِيلٌ صَبِيًّا مُمَيِّزًا غَيْرَ مَأْذُونٍ، يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إذَا وَجَدَ فِيهِ عَيْبًا إلَى الْمُوَكِّلِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ (الْبَحْرُ) .
وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي وَكِيلِ الْوَكِيلِ وَتَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْوَكِيلِ الثَّانِي (الْبَحْرُ) . الْحُقُوقُ الْعَائِدَةُ إلَى الْوَكِيلِ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْحُقُوقُ الَّتِي لِلْوَكِيلِ: كَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَمُطَالَبَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute