الثَّالِثَ عَشَرَ - إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَدِينًا لِلْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَقَعَ التَّقَاصُّ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ إلَى مُوَكِّلِهِ مِقْدَارَ مَا وَقَعَ التَّقَاصُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا.
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ الْوَكِيلِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ إبْرَاءِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مِنْ الثَّمَنِ، فَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إبْرَاؤُهُ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ، وَعِنْدَهُ لَا يَجُوزُ فَلَا تَقَعُ، وَوَجْهُ الْبِنَاءِ أَنَّ الْمُقَاصَّةَ إبْرَاءٌ بِعِوَضٍ، فَيُعْتَبَرُ بِالْإِبْرَاءِ بِغَيْرِ عِوَضٍ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ فَقَطْ مَدِينًا لِلْمُشْتَرِي، فَكَمَا أَنَّهُ يَقَعُ التَّقَاصُّ بِدَيْنِهِ: فَإِذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ مَدِينَيْنِ مَعًا فَيَقَعُ التَّقَاصُّ أَيْضًا وَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ بَطَلَتْ الْمُقَاصَّةُ، وَلَا ضَمَانَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ بِالْهَلَاكِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ مِنْ أَصْلِهِ.
الرَّابِعَ عَشَرَ - إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمَأْمُورَ بِبَيْعِهِ إلَى دَائِنِهِ فِي مُقَابِلِ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ يَصِحُّ وَيَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ لِمُوَكِّلِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
الْخَامِسَ عَشَرَ - إذَا ظَهَرَ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَى أَيْ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُسْتَحِقٌّ وَضُبِطَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ بَعْدُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْحَلِفِ وَالْحُكْمِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ يَعْنِي يَطْلُبُ الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ لَهُ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالثَّمَنِ فِيمَا إذَا سَلَّمَ الْوَكِيلُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى مُوَكِّلِهِ (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ بِالْوَكَالَةِ لِشَخْصٍ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَاعَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ لِلْوَكِيلِ بِتِسْعِمِائَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَضُبِطَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مِنْ يَدِ الْوَكِيلِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِتِسْعِمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَيَرْجِعُ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْوَكِيلُ أَيْضًا يَرْجِعُ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَفَائِدَةُ الرُّجُوعِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ تَظْهَرُ فِي اخْتِلَافِ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
السَّادِسَ عَشَرَ - الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ لَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ بَاعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمَالِ. فَلَهُ رَدُّهُ إلَى الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِذَا رَدَّهُ إلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ يَأْخُذُهُ مِنْ الْوَكِيلِ سَوَاءٌ أَعْطَى الْوَكِيلُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى مُوَكِّلِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَعْطَاهُ وَحَفِظَهُ فِي يَدِهِ.
فَإِذَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ يَسْتَرِدُّهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ (أَيْ بِرِضَاهُ) كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَيْبًا قَدِيمًا وَأَقَرَّ الْمُوَكِّلُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ مَعَ أَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ أَنْكَرَهُ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ بِهَذَا الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ بِالْعَيْبِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ. أَمَّا الْمُوَكِّلُ فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَبِالْعَكْسِ إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ يُرَدُّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. وَيَكُونُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ هَذَا صَحِيحٌ فِي حَقِّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. لَكِنَّهُ يَكُونُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ صَحِيحًا وَفِي بَعْضِهَا غَيْرَ صَحِيحٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ حُدُوثُ ذَلِكَ الْعَيْبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مُمْكِنًا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ. فَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ سَوَاءٌ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْعَيْبِ أَمْ أَنْكَرَهُ بِرَدِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute