الْجِنْسِ فَقَطْ. بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ أَيْضًا نَوْعَهُ أَوْ ثَمَنَهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهُ أَوْ بَيَّنَهُ لَكِنْ كَانَتْ لَهُ أَنْوَاعٌ مُتَفَاوِتَةٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ نَوْعَهُ أَوْ ثَمَنَهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ تَوْكِيلًا عَامًّا. مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ غَيْرَهُ بِقَوْلِهِ اشْتَرِ لِي فَرَسًا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَكِّلَهُ لِشِرَاءِ قُمَاشٍ لِلُّبْسِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ جِنْسَهُ بِأَنْ يَقُولَ: حَرِيرٌ أَوْ قُمَاشُ قُطْنٍ وَنَوْعَهُ بِقَوْلِهِ: هِنْدِيٌّ أَوْ شَامِيٌّ، أَوْ ثَمَنَهُ، بِقَوْلِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مِنْهُ بِكَذَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهُ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي دَابَّةً، أَوْ قُمَاشًا، أَوْ حَرِيرًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ. لَكِنْ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي قُمَاشًا لِلُّبْسِ أَوْ حَرِيرًا مِنْ أَيِّ جِنْسٍ وَنَوْعٍ كَانَ. فَذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِك أَنْتَ الْوَكَالَةُ عَامَّةٌ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَجِنْسٍ شَاءَ) .
الْجَهَالَةُ فِي الْوَكَالَةِ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ عَلَى قِسْمَيْنِ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - تَكُونُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. يَعْنِي فِي الْمُشْتَرَى وَالْمَبِيعِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي - تَكُونُ فِي الْمَعْقُودِ بِهِ يَعْنِي فِي الثَّمَنِ.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الْجَهَالَةُ الْفَاحِشَةُ: يَعْنِي جَهَالَةَ الْجِنْسِ.
النَّوْعُ الثَّانِي - الْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ يَعْنِي جَهَالَةَ النَّوْعِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ - الْجَهَالَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ يَعْنِي الْجَهَالَةَ الَّتِي بَيْنَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ. وَالْأَصْلُ فِي الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ كَمَا يَأْتِي: الْوَكَالَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ عَامَّةً، أَوْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا أَيْ بِالشَّخْصِ كَأَنْ قَالَ: هَذَا الشَّيْءُ الْمُعَيَّنُ أَوْ يَكُونُ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَجْهُولًا جَهَالَةً يَسِيرَةً كَالتَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ الشَّاةِ؛ وَالْبَقَرِ، وَالْحِمَارِ، وَالْبَغْلِ، وَالْفَرَسِ وَالْوَكَالَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ صَحِيحَةٌ وَجَهَالَةُ النَّوْعِ غَيْرُ مَانِعَةٍ لِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ لَمَّا كَانَ اسْتِعَانَةً وَلَمَّا كَانَ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْجَهَالَةِ الْيَسِيرَةِ فَبِمَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى التَّوَسُّعَةِ حَرَجٌ فَاشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي هَذَا الشَّيْءِ الَّذِي قَدْ جُعِلَ تَوْسِعَةً ضِيقٌ وَحَرِجٌ بَاطِلٌ أَيْضًا كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ جَلِيَّا. وَإِذَا كَانَ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً. فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً وَلَوْ بَيَّنَ الثَّمَنَ. كَالتَّوْكِيلِ فِي اشْتِرَاءِ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ.
وَكَمَا أَنَّهُ يُقْصَدُ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الْمَالِيَّةُ فَيُقْصَدُ فِي الدَّابَّةِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُرَافِقًا لِلسِّنِّ وَالرُّكُوبِ وَيَخْتَلِفُ الْجِنْسُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمُرَافِقِ فَلَيْسَتْ الْوَكَالَةُ جَائِزَةً مَعَ جَهَالَةِ الْجِنْسِ. وَيَكُونُ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُتَوَسِّطَةً، فَإِذَا ثَمَّنَ الْمَبِيعَ أَوْ وَصَفَهُ كَانَتْ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ النَّوْعَ قَدْ عُلِمَ بِتَقْدِيرِ الثَّمَنِ. وَسَوَاءٌ خَصَّصَ نَوْعًا لِذَلِكَ الثَّمَنِ أَوْ لَمْ يُخَصِّصْ. وَيَنْصَرِفُ هَذَا النَّوْعُ إلَى مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute