الْأَنْقِرْوِيُّ، التَّكْمِلَةُ، ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ، الطَّحْطَاوِيُّ) إلَّا إذَا وَكَّلَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَالَةً عَامَّةً كَأَنْ يَقُولَ لَهُ اشْتَرِ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ وَنَوْعٍ صَحَّ حِينَئِذٍ، وَيَكُونُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا. مِثَالٌ لِلْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ: قَدْ ذُكِرَتْ الْوَكَالَةُ الْعَامَّةُ فِقْرَةً، لَكِنْ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي قُمَاشَ ثِيَابٍ إلَخْ.
وَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ الْعَامَّةُ أَيْضًا بِصُورَةٍ أُخْرَى مُبَيَّنَةٍ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٤٥٦) وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ فِيهَا لِمُوَكِّلِهِ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ وَكَّلْتُك وَكَالَةً عَامَّةٌ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ فَرَسًا نَفَذَ الشِّرَاءُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمُوَكَّلَ بِهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فَهُوَ لِلْوَكِيلِ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اشْتَرِ لِي أَفْرَاسًا أَوْ بِغَالًا أَوْ بَقَرًا وَوَكَّلَهُ بِذَلِكَ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ ثَمَنَهَا، أَوْ وَصْفَهَا، أَوْ كَوْنَهَا ذُكُورًا، أَوْ إنَاثًا، وَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَصْفُ الْمُوَكَّلَ بِهِ مُوَافِقًا لِحَالِ الْمُوَكِّلِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَهَذَا مِثَالٌ لِبَيَانِ الْجِنْسِ. لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ قُمَاشَ ثِيَابٍ، يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ جِنْسَهُ، يَعْنِي قُمَاشَ حَرِيرٍ، أَوْ قُمَاشَ قُطْنٍ مَعَ بَيَانِ نَوْعِهِ بِقَوْلِهِ: هِنْدِيٌّ أَوْ شَامِيٌّ إذَا كَانَ لِجِنْسِهِ أَنْوَاعٌ مُغَايِرَةٌ بَعْضُهَا بَعْضًا، أَوْ ثَمَنَهُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ تَكُونَ خَاصَّةً بِكَذَا دَرَاهِمَ. وَإِلَى هُنَا مِثَالٌ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهُ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي دَابَّةً بَدَلًا مِنْ اشْتَرِ لِي فَرَسًا وَاشْتَرِ لِي قُمَاشًا بَدَلًا مِنْ ثِيَابًا، فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَلَوْ بَيَّنَ الثَّمَنَ: حَتَّى وَلَوْ سَلَّمَهُ إلَى الْوَكِيلِ وَإِلَى هُنَا مِثَالٌ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ، وَالْجِنْسُ عِنْدَ الْفُقَهَاءَ هُوَ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الدَّابَّةَ فِي اللُّغَةِ، هِيَ كُلُّ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ، تَشْمَلُ الْمُكَلَّفَ وَالطَّاهِرَ وَنَجِسَ الْعَيْنِ وَنَجِسَ السُّؤْرِ وَمَا فِيهِ الزَّكَاةُ وَمَا يَحِلُّ بَيْعُهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي الْعُرْفِ ذَوَاتُ الْأَرْبَعِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ وَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ اُتُّبِعَ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَقْصِدُ الْمُتَعَارَفَ عِنْدَهُ، فَالْمَدَنِيُّ إذَا قَالَ: وَكَّلْتُك بِشِرَاءِ دَابَّةٍ لَا يَقْصِدُ مِنْهَا إلَّا الْحِمَارَ، فَهُوَ كَمَا لَوْ سَمَّاهُ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ يُرِيدُونَ بِالْحَيَوَانِ الْحِمَارِ وَلَا يَعْرِفُونَ لِلْحَيَوَانِ مَعْنًى سِوَاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَوْ قَالَ: اشْتَرِ حَرِيرًا وَلَمْ يُبَيِّنْ ثَمَنَهُ أَوْ نَوْعَهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ، وَهَذَا أَيْضًا مِثَالٌ لِلْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَالْقُمَاشُ سَوَاءٌ ذُكِرَ مُفْرَدًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَمْ ذُكِرَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فَقِيلَ أَقْمِشَةٌ. وَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ أَيْضًا عَلَى الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقُمَاشَ يُطْلَقُ عَلَى أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ وَبِمَا أَنَّهُ تُوجَدُ أَجْنَاسٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْأَقْمِشَةِ مُتَّحِدَةٌ فِي الثَّمَنِ فَلَا تَزُولُ جَهَالَةُ الْجِنْسِ بِتَسْمِيَةِ الثَّمَنِ، وَعَلَيْهِ لَا يَكُونُ الْوَكِيلُ مُقْتَدِرًا عَلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِ مُوَكِّلِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . لَكِنْ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي قُمَاشَ ثَوْبٍ، أَوْ حَرِيرٍ؛ أَوْ دَابَّةً مِنْ أَيِّ جِنْسٍ وَنَوْعٍ كَانَ، فَذَلِكَ مُفَوَّضٌ لِرَأْيِك كَانَتْ وَكَالَةً عَامَّةً وَيُمَكَّنُ الْوَكِيلُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَجِنْسٍ شَاءَ (الْهِنْدِيَّةُ) وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الثِّيَابَ وَنَحْوَهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ يَصِحُّ التَّفْوِيضُ إلَى الْوَكِيلِ بِخِلَافِ ثَوْبٍ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute