للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُقَدِّمَةٌ) (فِي بَيَانِ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ) .

الْمَادَّةُ (١٥٣١) (الصُّلْحُ: هُوَ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بِالتَّرَاضِي. وَيَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) . الصُّلْحُ - لُغَةً -: اسْمٌ بِمَعْنَى الْمُصَالَحَةِ الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْمُخَاصَمَةِ. وَأَصْلُهُ بِمَعْنَى الصَّلَاحِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى اسْتِقَامَةِ الْحَالِ (الدُّرَرُ) - وَشَرْعًا - هُوَ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بِالتَّرَاضِي أَيْ بِتَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَيُزِيلُ الْخُصُومَةَ وَيَقْطَعُهَا بِالتَّرَاضِي؛ وَرُكْنُهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَيَنْعَقِدُ، وَيَصِحُّ بِحُصُولِ الْإِيجَابِ مِنْ طَرَفٍ وَالْقَبُولِ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ.

وَيَنْتَهِي تَعْرِيفُ الصُّلْحِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِجُمْلَةِ: هُوَ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بِالتَّرَاضِي.

وَإِنَّ مَا جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ بَيَانٌ لِرُكْنِ الصُّلْحِ وَقَدْ كَانَ مِنْ الْمُوَافِقِ أَنْ يَذْكُرَ رُكْنَ الصُّلْحِ مُسْتَقِلًّا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ ذِكْرِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ؛ كَمَا هُوَ جَارٍ فِي الْكُتُبِ الْأُخْرَى مِنْ الْمَجَلَّةِ. فَلَوْ عُرِّبَ هَذَا التَّعْرِيفُ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ يَكُونُ عِبَارَةً عَنْ أَنَّ الصُّلْحَ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

لِأَنَّهُ مِنْ عِبَارَةِ " هُوَ عَقْدٌ " يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالرَّهْنُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ الْأُخْرَى فَلِذَلِكَ تَكُونُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ بِمَثَابَةِ جِنْسِ التَّعْرِيفِ إلَّا أَنَّهُ بِوُجُودِ عِبَارَةِ التَّرَاضِي تَخْرُجُ الْعُقُودُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ التَّعْرِيفِ، وَتَكُونُ لِمَقَامِ فَصْلِ التَّعْرِيفِ، وَقَيْدُ " بِالتَّرَاضِي " مُتَعَلِّقٌ بِالرَّفْعِ، وَيُحْتَرَزُ بِذَلِكَ عَنْ الصُّلْحِ الْوَاقِعِ كُرْهًا. لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (الـ ١٠٠٦) لَا يُعْتَبَرُ الصُّلْحُ الَّذِي يَحْصُلُ بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ عَنْ مَالٍ فَلِذَلِكَ لَوْ هَجَمَ جَمَاعَةٌ عَلَى بَيْتِ شَخْصٍ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا، وَأَشْهَرُوا السِّلَاحَ عَلَيْهِ وَهَدَّدُوهُ وَأَجْبَرُوهُ بِذَلِكَ عَلَى الصُّلْحِ عَنْ دَعْوَاهُ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ ١٠٠٣) .

كَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ فَصَالَحَتْهُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَهْرِ فَلَا يَجُوزُ (الْخَانِيَّةُ) .

(الْأَحْكَامُ الَّتِي تُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ) يَدُلُّ هَذَا التَّعْرِيفُ بِأَنَّهُ يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ كَالدَّعْوَى الَّتِي يَكُونُ فِيهَا تَنَاقُضٌ، لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ النِّزَاعُ أَيْضًا فِي الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ، وَالصُّلْحُ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ النِّزَاعِ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَالَ: بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ هُوَ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>