للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَيْهِ يَجِبُ فِي الصُّلْحِ حُصُولُ الْإِيجَابِ مِنْ الْمُدَّعِي عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُتَعَيَّنًا بِالتَّعْيِينِ أَمْ لَمْ يَكُنْ. فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ بِدُونِ الْإِيجَابِ مُطْلَقًا. أَمَّا الْقَبُولُ فَيَجِبُ فِي كُلِّ صُلْحٍ يَتَضَمَّنُ الْمُبَادَلَةَ لِذَلِكَ يَجِبُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْ الذِّكْرِ: وُجُودِ الْقَبُولِ فِي الصُّلْحِ بَعْدَ الْإِيجَابِ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ عَكْسُهُمَا أَيْ أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُدَّعِي اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (١٠١ وَ ١٠٢) وَشَرْحَهُمَا.

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُتَعَيَّنًا بِالتَّعْيِينِ يَجِبُ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَكُونُ إسْقَاطًا حَتَّى يَتِمَّ بِالْمُسْقِطِ، فَسَبَبُ عَدَمِ كَوْنِهِ إسْقَاطًا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ جَرَيَانِ الْإِسْقَاطِ فِي الْأَعْيَانِ.

مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي: قَدْ تَصَالَحْت مَعَك، أَوْ قَدْ صَالَحْتُك بِكَذَا دِرْهَمًا عَلَى الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ، أَوْ عَلَى دَعْوَاك، وَأَجَابَهُ الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ قَبِلْت، أَوْ رَضِيت، أَوْ بِكَلَامٍ آخَرَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَاءِ انْعَقَدَ الصُّلْحُ (الدُّرَرُ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا كَانَ الصُّلْحُ وَاقِعًا عَلَى جِنْسٍ آخَرَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى بِهِ مُتَعَيَّنًا بِالتَّعْيِينِ فَيَجِبُ الْقَبُولُ.

مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّنِي صَالَحْتُك عَلَى الْخَمْسِينَ دِينَارًا الَّتِي اُدُّعِيَ بِهَا عَلَيْك بِمِائَةِ رِيَالٍ وَقَبِلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ. لِأَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَانَ الصُّلْحُ مُبَادَلَةً، وَفِي الْمُبَادَلَةِ يَجِبُ الْقَبُولُ، وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْمُبَادَلَةُ بِدُونِ الْقَبُولِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا الصُّلْحُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ ١٦٧) .

تُسْتَعْمَلُ صِيغَةُ الْمَاضِي فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَلَا يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: صَالِحْنِي عَلَى الدَّارِ الَّتِي تَدَّعِيهَا بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِقَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: تَصَالَحْتُ؛ لِأَنَّ طَرَفَ الْإِيجَابِ كَانَ عِبَارَةً عَنْ طَلَبِ الصُّلْحِ وَغَيْرَ صَالِحٍ لِلْإِيجَابِ.

فَقَوْلُ الطَّرَفِ الْآخَرِ: قَبِلْت لَا يَقُومُ مَقَامَ الْإِيجَابِ، أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي ثَانِيًا: قَبِلْت فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ ١٧٢) ، (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْعِنَايَةُ بِتَغْيِيرٍ مَا) .

الصُّلْحُ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ فَقَطْ. الصُّلْحُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ بَعْضِ الْحُقُوقِ يَكْفِي فِيهِ الْإِيجَابُ وَلَا يَلْزَمُ الْقَبُولُ. فَلِذَلِكَ إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ الدَّيْنِ الثَّابِتِ بِالذِّمَّةِ - يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ كِلَاهُمَا مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْغَيْرِ مُتَعَيَّنَيْنِ بِالتَّعْيِينِ - فَيَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِمُجَرَّدِ إيجَابِ الدَّائِنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ قَبُولُ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إسْقَاطِ بَعْضِ الْحُقُوقِ. وَلَمَّا كَانَ الْإِسْقَاطُ أَيْ الْإِبْرَاءُ غَيْرَ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الْقَبُولِ، وَيَتِمُّ بِمُجَرَّدِ الْمُسْقِطِ، فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْمَدِينِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ ١٥٦٨) ، (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .

مَثَلًا: لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدِينِ: إنَّنِي صَالَحْتُك عَلَى مَا فِي ذِمَّتِك لِي مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى مِائَتَيْ دِينَارٍ لَوْ قَالَ لَهُ: صَالَحْتُك عَلَى مَا فِي ذِمَّتِك لِي مِنْ الْخَمْسِينَ رِيَالًا عَلَى ثَلَاثِينَ رِيَالًا فَيَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ، وَلَا يَقْتَضِي قَبُولَ الْمَدِينِ وَيَلْزَمُ الصُّلْحُ مَا لَمْ يَرُدَّهُ الْمَدِينُ (الْهِنْدِيَّةُ) إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُوجِبُ الْمُدَّعِيَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الْمُوجِبَ فَيَجِبُ قَبُولُ الْمُدَّعِي. سَوَاءٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>