للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَضْمَنَ الْفُضُولِيُّ بَدَلَ الصُّلْحِ إلَّا أَنَّهُ يُضِيفُهُ إلَى مَالِهِ أَيْ إلَى الْمَالِ الَّذِي يُضِيفُهُ لِنَفْسِهِ كَأَنْ يَقُولَ: قَدْ صَالَحْتُ عَلَى مَالِي الْفُلَانِيِّ، أَوْ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمِي هَذِهِ، أَوْ عَلَى فَرَسِي هَذِهِ صَحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ الْفُضُولِيَّ بِإِضَافَةِ الصُّلْحِ إلَى مَالِهِ يَكُونُ قَدْ الْتَزَمَ تَسْلِيمَهُ، وَلَمَّا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْبَدَلِ صَحَّ الصُّلْحُ، وَلَزِمَ الْفُضُولِيَّ تَسْلِيمُ الْبَدَلِ (الْهِدَايَةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالزَّيْلَعِيّ) .

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يُشِيرَ إلَى الْعُرُوضِ، أَوْ النُّقُودِ الْمَوْجُودَةِ بِقَوْلِهِ: عَلَى هَذَا الْمَبْلَغِ، أَوْ هَذِهِ السَّاعَةِ أَوْ أَطْلَقَ بِقَوْلِهِ صَالَحْتُ عَلَى كَذَا، وَلَمْ يَكُنْ ضَامِنًا وَلَا مُضِيفًا إلَى مَالِهِ وَلَا مُشِيرًا إلَى شَيْءٍ وَسَلَّمَ الْمَبْلَغَ يَصِحُّ الصُّلْحُ لِأَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ الْمُشَارِ إلَيْهِ قَدْ تَعَيَّنَ تَسْلِيمُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالٍ وَتَمَّ بِذَلِكَ الصُّلْحُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ هُوَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ قَدْ أَضَافَ الصُّلْحَ إلَى مَالِهِ الَّذِي نَسَبَهُ إلَى نَفْسِهِ أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فَبَدَلُ الصُّلْحِ مَعَ كَوْنِهِ مَالَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْسُبُهُ إلَى نَفْسِهِ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ، وَمَعَ أَنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِفَرْقٍ مُهِمٍّ إلَّا أَنَّ الزَّيْلَعِيّ عَدَّ ذَلِكَ إحْدَى الصُّوَرِ فَجَعَلَهَا أَرْبَعًا.

الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا أَطْلَقَ بِقَوْلِهِ: صَالَحْتُ عَلَى كَذَا، وَلَمْ يَكُنْ ضَامِنًا، وَلَا مُضِيفًا إلَى مَالِهِ وَلَا مُشِيرًا إلَى شَيْءٍ وَسَلَّمَ الْمَبْلَغَ يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ بَدَلِ الصُّلْحِ يُوجِبُ بَقَاءَ الْبَدَلِ الْمَذْكُورِ سَالِمًا لِلْمُدَّعِي، وَيَسْتَلْزِمُ حُصُولَ الْمَقْصُودِ بِتَمَامِ الْعَقْدِ فَصَارَ فَوْقَ الضَّمَانِ وَالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

فَعَلَيْهِ إذَا حَصَلَ لِلْمُدَّعِي عِوَضٌ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يَتِمُّ رِضَاؤُهُ، وَيَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْفُضُولِيِّ الْمُصَالِحِ مِنْ الْمُصَالَحِ عَنْهُ.

وَيُسْتَفَادُ مِنْ حَصْرِ لُزُومِ التَّسْلِيمِ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ بِأَنَّ تَسْلِيمَ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ، وَيَصِحُّ الصُّلْحُ فِيهِمَا، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ التَّسْلِيمُ، وَيُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .

وَيَصِحُّ الصُّلْحُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَكُونُ الْفُضُولِيُّ الْمُصَالِحُ مُتَبَرِّعًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَجْرَى هَذَا الْعَمَلَ بِلَا أَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .

وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْفُضُولِيِّ هُنَا كَمَا ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ الْفُضُولِيُّ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ الَّذِي هُوَ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ.

لِأَنَّ الْفُضُولِيَّ إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ كَأَنْ يَكُونَ صَبِيًّا مَأْذُونًا، أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَتَبْقَى الدَّعْوَى عَلَى حَالِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>