للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَظَهَرَ أَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ قَدْ أُخِذَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلِذَلِكَ لَزِمَ رَدُّهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٧) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرَرُ) .

مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ دَارُهُ، وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ سَكَتَ تَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَسَلَّمَ بَدَلَ الصُّلْحِ لَهُ وَبَعْدَ أَنْ بَقِيَتْ الدَّنَانِيرُ فِي يَدِهِ، وَالدَّارُ فِي يَدِ الْآخَرِ اُسْتُحِقَّ جَمِيعُ الدَّارِ فَيَرُدُّ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ بَدَلَ الصُّلْحِ أَمَّا إذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا فَيَرُدُّ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ نِصْفَ بَدَلِ الصُّلْحِ. وَلِلْمُدَّعِي إنْ شَاءَ مُخَاصَمَةَ الْمُسْتَحِقِّ أَيْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِالْمُصَالَحِ عَنْهُ. لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّارَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَقُومُ الْمُدَّعِي مَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَكُونُ لَهُ حَقُّ الْمُخَاصَمَةِ (أَبُو السُّعُودِ) .

إلَّا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ لَا يُجْبَرُ الْمُدَّعَى بِرَدِّ بَعْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي حَالَةِ اسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَهِيَ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ حَقًّا فِي دَارِ بِدُونِ أَنْ يُعَيِّنَ مِقْدَارَهُ كَنِصْفِ الدَّارِ أَوْ رُبْعِهَا وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى بَدَلٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْضَ تِلْكَ الدَّارِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِرْدَادُ بَعْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ. لِأَنَّ دَعْوَاهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ قَلَّ فَمَا دَامَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَقَّ كُلَّهَا لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ أَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَ مَا لَا يَمْلِكُ فَيَرُدُّ (الزَّيْلَعِيّ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَدَلُ الصُّلْحِ نَقْدًا أَوْ دَيْنًا بَيِّنْ كَانَ عَيْنًا وَاسْتَحَقَّ كُلَّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ أَوْ بَعْضَهُ وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الصُّلْحَ أَوْ تَلِفَ كُلُّ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ بَعْضَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (١٥٦٠) يَرْجِعُ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ إلَى دَعْوَاهُ أَيْ كُلَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ إذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ. لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ تَرَكَ دَعْوَاهُ لِيَبْقَى بَدَلُ الصُّلْحِ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ بَدَلُ الصُّلْحِ سَالِمًا لَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ إلَى دَعْوَاهُ الْمُبْدَلَةِ. مَا لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى مِنْ نَوْعِ الدَّعَاوَى الَّتِي لَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ فِيهَا كَالْقِصَاصِ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الصُّلْحَ وَسَلَّمَ الْعَيْنَ الْمُصَالَحَ عَلَيْهَا لِلْمُدَّعِي صَحَّ الصُّلْحُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ (الْكِفَايَةُ) .

أَمَّا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَأَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي: قَدْ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ مُقَابِلَ هَذِهِ الْعَيْنِ وَقَالَ الْآخَرُ، بِعْتُك وَعَقْدُ الصُّلْحِ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الصُّلْحِ فَلِلْمُدَّعِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِهِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالدَّعْوَى (أَبُو السُّعُودِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . لِأَنَّ إقْدَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُبَايَعَةِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي فَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ إذْ الصُّلْحُ قَدْ يَقَعُ الدَّفْعُ لِلْخُصُومَةِ (الزَّيْلَعِيّ) .

وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاسْتُحِقَّ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ ظَهَرَ زُيُوفًا فَلَا يُبْطِلُ الصُّلْحَ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَوْ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَلَوْ كَانَ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ مُشَارًا إلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ وَيَقْتَضِي إعْطَاءَ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ يَبْطُلُ الِاسْتِيفَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>