للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ هُوَ ذَلِكَ الشَّخْصُ، أَوْ أَقَرَّ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهَالِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ أَهَالِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ مَعْدُودِينَ فَبِمَا أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٤٦) .

فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ (الْمِائَةِ شَخْصٍ) فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لِجَهَالَةِ الْمُقَرِّ لَهُ جَهَالَةً فَاحِشَةً؛ فَلِذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ شَخْصٌ مَعْلُومٌ مِنْ أَهَالِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مَالُهُ، وَأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ مَجْهُولًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ، وَأَثْبَتَ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ حَقَّهُ بِوَجْهٍ آخَرَ.

أَمَّا لَوْ قَالَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، أَوْ قَالَ: هُوَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهَالِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَكَانَ أَهَالِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ قَوْمًا مَحْصُورِينَ أَيْ أُنَاسًا مَعْدُودِينَ (مِائَةَ نَفَرٍ، أَوْ أَقَلَّ) يَصِحُّ إقْرَارُهُ الْمَذْكُورُ.

فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ الثَّلَاثَةِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ.

كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَدَدُ الرِّجَالِ مِائَةً فَالْحُكْمُ أَيْضًا كَذَلِكَ.

يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الْمِائَةِ رَجُلٍ يَجْرِي فِي ذَلِكَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ.

وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ كَوْنِ الْمَالِ لِأَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْجَبْرَ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْحَقِّ حَالَ كَوْنِ الْحَاكِمِ مُكَلَّفًا بِإِيصَالِ أَصْحَابِ الْحُقُوقِ إلَى حُقُوقِهِمْ، وَلَيْسَ بِإِبْطَالِهِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) .

وَلَهُمَا إنْ اتَّفَقَا أَنْ يَأْخُذَا ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُقِرِّ، وَيَمْلِكَانِهِ بَعْدَ الْأَخْذِ بِالِاشْتِرَاكِ مُنَاصَفَةً.

وَإِنْ اخْتَلَفَا، وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكُهُ مُسْتَقِلًّا، وَأَنْ لَيْسَ لِلْآخَرِ حَقٌّ فِيهِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُقِرِّ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ الْمَالِ لَهُ وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُمَا الْيَمِينَ عَلَى حِدَةٍ يَعْنِي لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُمْ اثْنَيْنِ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُقِرِّ يَمِينَانِ.

، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَثَلَاثَةُ أَيْمَانٍ، وَهَلُمَّ جَرًّا.

وَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُعَيِّنَ مِنْ نَفْسِهِ تَحْلِيفَ الْمُقِرِّ لِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُمْ، أَوْ أَنْ يُعَيِّنَ ذَلِكَ بِالْقُرْعَةِ.

أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ لِلْمُقَرِّ لَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ.

وَإِذَا نَكَلَ الْمُقِرُّ عَنْ يَمِينِ الِاثْنَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا كَلَّفَ الْحَاكِمُ الْمُقِرَّ بِحَلِفِ الْيَمِينِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُمَا عَلَى حِدَتِهِ حَسَبَ الْقَوْلِ الَّذِي اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ وَنَكَلَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَ الِاثْنَيْنِ.

(الْهِنْدِيَّةُ) .

وَأَمَّا إذَا نَكَلَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ لِأَحَدِهِمَا وَحَلَفَ يَمِينًا لِلْآخَرِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ مُسْتَقِلًّا لِلرَّجُلِ الَّذِي نَكَلَ عَنْ يَمِينِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٨١٩) .

، وَلَا يَأْخُذُ الشَّخْصُ الَّذِي حَلَفَ لَهُ الْيَمِينَ حِصَّةً فِي ذَلِكَ الْمَالِ.

إلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي هَاتَيْنِ الْفِقْرَتَيْنِ سَبَبَ الْحُكْمِ النُّكُولُ عَنْ الْيَمِينِ، وَلَيْسَ الْإِقْرَارُ.

أَمَّا إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ لِلِاثْنَيْنِ يَبْرَأُ الْمُقِرُّ مِنْ دَعْوَاهُمَا، وَيَبْقَى الْمَالُ الْمُقَرُّ بِهِ فِي يَدِهِ.

وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُمَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الثَّانِي الْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَتَّفِقَا، وَأَنْ يَأْخُذَا الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُقِرِّ، وَأَنْ يَتَمَلَّكَاهُ بِالِاشْتِرَاكِ.

أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ فَلَهُمَا ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: هُوَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، وَهِيَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>