للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ رَهْنٍ أَوْ نِكَاحٍ، أَوْ طَلَاقٍ، أَوْ إبْرَاءٍ وَقِصَاصٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِ بِإِشَارَتِهِ الْمَخْصُوصَةِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكِتَابَةِ.

وَالْإِشَارَةُ الْمَعْهُودَةُ تَكُونُ بِأَعْضَائِهِ كَالْيَدِ وَالْحَاجِبِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الْقَاضِي وَاقِفًا عَلَى مَعْنَى إشَارَةِ الْأَخْرَسِ فَبِهَا، وَإِلَّا يَسْأَلُ مِنْ إخْوَانِ الْأَخْرَسِ أَوْ أَصْدِقَائِهِ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ مَا هُوَ الْمَقْصِدُ مِنْ تِلْكَ الْإِشَارَةِ، وَهَؤُلَاءِ يُوَضِّحُونَ وَيُفَسِّرُونَ بِحُضُورِ الْقَاضِي مَقْصِدَ الْأَخْرَسِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ عُدُولًا، وَمِمَّنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ كَلَامُ الْفَاسِقِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إقْرَارُهُ فِي الْحُدُودِ، وَلَوْ كَانَ حَدَّ الْقَذْفِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ.

وَيُشَارُ بِقَوْلِهِ (إشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ) بِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِشَارَةُ غَيْرَ مَعْهُودَةٍ لَا يُعْمَلُ بِهَا.

أَمَّا إقْرَارُ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ فَإِذَا دَامَ اعْتِقَالُهُ إلَى زَمَنِ مَوْتِهِ فَإِقْرَارُهُ، وَإِشْهَادُهُ صَحِيحَانِ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٠) (النَّتِيجَةُ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَلَكِنَّ إقْرَارَ النَّاطِقِ بِإِشَارَتِهِ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ تَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ، وَإِقْرَارُ النَّاطِقِ بِإِشَارَتِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَالِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، أَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْحُدُودِ.

مَثَلًا، لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلنَّاطِقِ: هَلْ لِفُلَانٍ عَلَيْكَ كَذَا دَرَاهِمَ حَقًّا؟ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْحَقِّ إذَا خَفَضَ رَأْسَهُ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِشَخْصٍ نَاطِقٍ: هَلْ بِعْت دَارَكَ، أَوْ هَلْ أَجَّرْتهَا، أَوْ وَهَبْتَهَا فَخَفَضَ ذَلِكَ الشَّخْصُ رَأْسَهُ فَلَا يَكُونُ بِتَخْفِيضِهِ رَأْسَهُ قَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ، أَوْ الْهِبَةِ.

تَتِمَّةٌ فِي حَقِّ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَالْأَقْرِبَاءِ وَالزَّوْجِيَّةِ: الْإِقْرَارُ بِالْوَلَدِ، لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ أَنَّ الْوَلَدَ الْفُلَانِيَّ، وَلَدُهُ فَيَصِحُّ هَذَا الْإِقْرَارُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَلَدُ فِي مَوْلِدِهِ أَوْ فِي الْبَلْدَةِ الْمَوْجُودِ فِيهَا (أَيْ بَلْدَةِ مَوْضِعِ الْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى) مَجْهُولَ النَّسَبِ لَكِنْ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مَجْهُولَ النَّسَبِ فِي مَوْضِعِ الدَّعْوَى، وَحُكِمَ بِنَسَبِهِ لِلْمُدَّعِي وَوَرَدَتْ بَيِّنَةٌ مِنْ مَوْلِدِهِ بِأَنَّ نَسَبَهُ لِغَيْرِ الْمُدَّعِي فَتَبْطُلُ بِذَلِكَ الدَّعْوَى الْأُولَى.

أَمَّا إذْ ثَبَتَ النَّسَبُ بِالْإِقْرَارِ الْوَاقِعِ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ مَجْهُولَ النَّسَبِ فِي مَوْلِدِهِ فَلَا تُنْقَضُ الدَّعْوَى بَعْدَ ذَلِكَ.

الشَّرْطُ الثَّانِي: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي فِي سِنٍّ بِحَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ الْوَلَدُ صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ أَيْ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ رَجُلًا أَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ الْوَلَدِ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَنِصْفٍ، وَإِذَا كَانَ امْرَأَةً أَنْ تَكُونَ أَكْبَرَ بِتِسْعِ سِنِينَ وَنِصْفٍ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٧٢) الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يُصَدِّقَ الْوَلَدُ الْمُقِرَّ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مُمَيِّزًا.

أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا فَلَا حَاجَةَ لِلتَّصْدِيقِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ فِي يَدِ الْغَيْرِ بِمَنْزِلَةِ الْبَهِيمَةِ، وَتَصْدِيقُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِ الْمُمَيِّزِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ.

فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِالْوَلَدِ مَعَ وُجُودِ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيُشَارِكُ هَذَا الْوَلَدُ الْوَرَثَةَ الْأُخْرَى فِي الْإِرْثِ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ ثُبُوتِ النَّسَبِ. وَلَيْسَ لِلْمُقِرِّ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنْ إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْإِبْطَالِ بَعْدَ الثُّبُوتِ.

أَمَّا إذَا عُدِمَ أَحَدُ هَذِهِ الشُّرُوطِ كَأَنْ يَكُونَ نَسَبُ الْوَلَدِ ثَابِتًا مِنْ شَخْصٍ آخَرَ لَوْ كَانَ حَسَبَ السِّنِّ غَيْرَ صَالِحٍ؛ لَأَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ.

أَوْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا مُمَيِّزًا

<<  <  ج: ص:  >  >>