للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ الْمَعْرُوفُ بِوَارِثٍ آخَرَ فَيَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ أَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِصَّتَهُ الْإِرْثِيَّةَ حَسَبَ إقْرَارِهِ.

مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ، وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ (زَيْدٌ وَعَمْرٌو) وَأَقَرَّ زَيْدٌ بِأَنَّ بَكْرًا أَخُوهُمَا فَيَجِبُ عَلَى زَيْدٍ أَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ التَّرِكَةِ (أَيْ الرُّبْعَ) لِبَكْرٍ وَلَيْسَ لِهَذَا الْإِقْرَارِ أَيُّ تَأْثِيرٍ عَلَى عَمْرٍو كَمَا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ نَسَبُ بَكْرٍ مِنْ الْمُتَوَفَّى.

وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَالِ، وَلَيْسَ فِي النَّسَبِ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ تَحْمِيلَ النَّسَبِ لِلْغَيْرِ أَيْ عَلَى الْمُتَوَفَّى وَإِقْرَارٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ.

حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لِلْمُقِرِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا يَحُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارِ) .

٣ - لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَلَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ مِائَةُ دِينَارٍ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ وَالِدَهُ قَدْ قَبَضَ فِي حَيَاتِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ مَدِينِهِ الْمَذْكُورِ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ فِي حِصَّتِهِ فَلَيْسَ لِلْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْمَدِينِ أَمَّا الِابْنُ الْآخَرُ فَيَأْخُذُ الْخَمْسِينَ دِينَارًا، وَيَحْصُرُهَا فِي حِصَّتِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ بِطَلَبِ الْأَخِ الْمُقِرِّ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِقَبْضِ وَالِدِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا.

٤ - لَا عُذْرَ لِلْمُقِرِّ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَحَاسَبَ أَحَدٌ مَعَ صَرَّافٍ عَلَى الْقَرْضِ الَّذِي أَخَذَهُ وَالتَّسْلِيمَاتِ الَّتِي دَفَعَهَا وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ مِنْ بَاقِي الْحِسَابِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ نَقْضُ إقْرَارِهِ وَطَلَبُ إعَادَةِ الْحِسَابِ مَعَ الصَّرَّافِ.

سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ حَسَبَ الْمَادَّةِ (١٥٧٢) خَبَرٌ، وَالْخَبَرُ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَلَا يَكُونَ الْإِقْرَارُ حُجَّةً وَدَلِيلًا.

الْجَوَابُ: قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٩) الْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ.

قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٥٧٢) أَنَّ لِبَعْضِ الْأَلْفَاظِ اخْتِصَاصًا بِالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَلِبَعْضِهَا اخْتِصَاصًا بِالْإِقْرَارِ بِالْأَمَانَةِ.

كَوْنُ جِهَةٍ مِنْ الْكَلَامِ إقْرَارًا وَجِهَةٍ مِنْهُ دَعْوَى.

إذَا كَانَتْ جِهَةٌ مِنْ كَلَامِ الْمُقِرِّ إقْرَارًا وَجِهَةٌ مِنْهُ دَعْوَى فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ.

أَمَّا جِهَةُ الدَّعْوَى فَيُكَلَّفُ بِإِثْبَاتِهَا، لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ بِحَقِّ الْغَيْرِ يُؤَاخَذُ فِي الْحَالِ.

أَمَّا إذَا ادَّعَى عَلَى الْغَيْرِ بِحَقٍّ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بِلَا حُجَّةٍ.

وَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ هِيَ: ١ - إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّ الدَّيْنَ حَالٌّ، وَكَذَّبَ الْأَجَلَ فَيَلْزَمُ الدَّيْنُ حَالًّا مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُقِرُّ بِأَنَّ الدَّيْنَ مُؤَجَّلٌ.

وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى عَدَمِ الْأَجَلِ.

حَتَّى إنَّهُ لِلْمَدِينِ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إذَا خَافَ أَنْ يُنْكِرَ خَصْمُهُ الْأَجَلَ فِي حَالَةِ قَرَارِهِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ أَنْ يُنْكِرَ الدَّيْنَ بِدُونِ أَنْ يَقْصِدَ إبْطَالَ حَقِّ الدَّائِنِ، وَيُقِرَّ بِالدَّيْنِ حِينَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَيُؤَدِّيَ دَيْنَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ هِيَ فِي حَالَةِ عَدَمِ ذِكْرِ الْمُقِرِّ الْأَجَلَ مَوْصُولًا.

أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْمُقِرُّ الْأَجَلَ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ فَيَجِبُ تَصْدِيقُهُ فِي الْأَجَلِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>