للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَأَخَذْت مِنْهَا خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَبَقِيَ فِي ذِمَّتِك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَأَدِّنِي إيَّاهَا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لَك بِشَيْءٍ، وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ.

فَلِذَلِكَ يُؤْمَرُ الْمُدَّعِي بِأَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقَرَّ بِقَبْضِهَا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي أَخَذْت مِنْ فُلَانٍ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقْرَضْتهَا لَهُ، أَوْ الَّتِي كَانَ مَدِينًا لِي بِهَا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ دَيْنَهُ فَيُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى إعَادَةِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقَرَّ بِقَبْضِهَا؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْهُ اقْتِضَاءً بِحَقِّهِ، وَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا.

فَإِذَا أَقَرَّ بِالِاقْتِضَاءِ فَقَدْ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِمَا بَرَاءَتَهُ مِنْ الضَّمَانِ، وَهُوَ تَمَلُّكُهُ عَلَيْهِ بِمَا يَدَّعِيه مِنْ الدَّيْنِ مُقَاصَّةً وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ، وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

٣ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ عَنْ الْحِصَانِ الَّذِي فِي يَدِهِ: إنَّ هَذَا الْحِصَانَ لِفُلَانٍ قَدْ اسْتَأْجَرْتُهُ مِنْهُ فَيُصَدَّقُ إقْرَارُهُ عَلَى كَوْنِ الْحِصَانِ لِفُلَانٍ وَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ.

أَمَّا قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرْتُهُ مِنْهُ فَلَا يُقْبَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ لِأَنَّهَا دَعْوَى بِلَا حُجَّةٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

٤ - لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْعَشَرَة دَنَانِيرَ كَانَتْ وَدِيعَةً لِي عِنْدَ فُلَانٍ، وَقَدْ أَخَذْتُهَا مِنْهُ، وَادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنَّ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ لَهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّ يَدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الدَّنَانِيرَ، وَادَّعَى الِاسْتِحْقَاقَ فِيهَا، وَالْآخَرُ يُنْكِرُ دَعْوَاهُ، وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ (الْهِدَايَةُ) يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ وَدِيعَةً لِي عِنْدَكَ، وَقَدْ أَخَذْتُهُ مِنْكَ وَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: إنَّ الْمَالَ مَالِي، وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُقِرُّ دَعْوَاهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ ذَلِكَ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا، وَبَدَلِهِ إذَا كَانَ مُتْلَفًا.

لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ بِوَضْعِ يَدِ الْآخَرِ عَلَى الْمَالِ وَادَّعَى اسْتِحْقَاقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ.

فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَالِ لِوَاضِعِ الْيَدِ الْحَقِيقِيِّ، وَأَنْ يُثْبِتَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقَهُ فِيهِ إذَا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى الْإِثْبَاتِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

وَلَكِنْ لَيْسَ الْحُكْمُ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ:

١ - إذَا أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَالْقَوْلُ بِالتَّأْجِيلِ لِلْكَفِيلِ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ (الزَّيْلَعِيّ) لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْكَفَالَةِ يُثْبِتُ بَعْضًا بِلَا شَرْطٍ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٦٥٢) .

فَلِذَلِكَ فَالْأَجَلُ فِي الْكَفَالَةِ هُوَ نَوْعٌ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَالْكَفَالَةُ الْمُؤَجَّلَةُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْكَفَالَةِ.

فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْإِقْرَارُ بِنَوْعٍ مِنْ الْكَفَالَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالنَّوْعِ الْآخَرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

٢ - لَوْ أَقَرَّ الْمَدِينُ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِسِكَّةٍ مَغْشُوشَةٍ، وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي صِفَةِ الْمَغْشُوشَةِ فَتَلْزَمُ الْمَغْشُوشَةُ؛ لِأَنَّ الْمَغْشُوشَةَ هِيَ نَوْعٌ، فَالْإِقْرَارُ بِالْمَغْشُوشَةِ هُوَ إقْرَارٌ بِالنَّوْعِ.

(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

الْحُكْمُ فِيمَا إذَا تَكَرَّرَ الْإِقْرَارُ: إذَا تَكَرَّرَ الْإِقْرَارُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُضَافًا لِلسَّبَبِ، أَوْ لَا فَإِذَا أُضِيفَ لِسَبَبٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ مُتَّحِدًا أَوْ مُخْتَلِفًا فَإِذَا كَانَ السَّبَبُ مُتَّحِدًا فَيَلْزَمُ دَيْنٌ وَاحِدٌ.

مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي مَجْلِسٍ؛ إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ هَذَا الْحِصَانِ، ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ هَذَا الْحِصَانِ، وَكَانَ الْحِصَانُ وَاحِدًا فَيَلْزَمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>