للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ أَبِي قَدْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ، أَوْ لِعَمْرٍو، أَوْ لِبَكْرٍ كَانَ ثُلُثُ الْمَالِ لِزَيْدٍ، وَلَا يَأْخُذُ الْآخَرَانِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ أَوَّلًا لِزَيْدٍ فَيَسْتَحِقُّ زَيْدٌ وَرُجُوعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِثْبَاتُهُ الْوَصِيَّةَ لِآخَرَ غَيْرُ صَحِيحٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالتَّكْمِلَةُ) .

٣ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بَلْ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَيَلْزَمُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ (الْهِدَايَةُ) .

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَهِيَ ثَمَنُ مَا اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ مِنْ الْجِيفَةِ، أَوْ الْإِنْسَانِ الْحُرِّ فَإِذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ لَهُ فَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالَ عِبَارَةَ، وَهُوَ ثَمَنُ مَا اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ مَوْصُولَةً، أَوْ مَفْصُولَةً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَهُوَ ثَمَنُ مَا اشْتَرَيْتُهُ إلَخْ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمَيْتَةِ وَالْجِيفَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ.

وَكَلَامُهُ هَذَا لِعَدَمِ الْوُجُوبِ (الْهِدَايَةُ) إلَّا إذَا صَدَّقَهُ أَوْ أَقَامَ الْمُقِرُّ بَيِّنَةً، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَرَامٌ، أَوْ رِبًا فَهِيَ لَازِمَةٌ مُطْلَقًا وَصَلَ، أَوْ فَصَلَ لِاحْتِمَالِ حِلِّهِ عِنْدَ غَيْرِهِ.

وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ زُورًا أَوْ بَاطِلًا لَزِمَهُ إنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَإِلَّا لَا يَلْزَمُهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا، وَيَلْزَمُهُ إذَا قَالَ مَفْصُولًا (التَّكْمِلَةُ) .

٤ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنَا غَصَبْنَا مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَقَدْ كُنَّا عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّ الْمُقِرَّ هُوَ الَّذِي غَصَبَ مِنْهُ مُنْفَرِدًا فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ كُلُّ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: غَصَبْنَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ تُسْتَعْمَلُ لِلْوَاحِدِ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الْمُقِرَّ يُخْبِرُ عَنْ فِعْلِهِ، وَلَيْسَ عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: كُنَّا عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ رُجُوعٌ مِنْهُ عَنْ الْإِقْرَارِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

اُنْظُرْ (فِقْرَةَ إذَا قَالَ الْغَاصِبُ فِي إقْرَارِهِ: إنَّنَا قَدْ غَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ) الْوَارِدَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٩١) فَعِنْدَ الْإِمَامِ زُفَرَ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ الْعُشْرُ.

وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُقِرُّ: أَقْرَضَنَا، أَوْ أَوْدَعَنَا، أَوْ أَعَارَنَا، أَوْ إنَّ لِفُلَانٍ حَقًّا عَلَيْنَا كَذَا، وَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةُ أَشْخَاصٍ فَالِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ فِي ذَلِكَ.

أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّنَا عَشَرَةُ أَشْخَاصٍ، وَقَدْ غَصَبْنَا فَلَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ إلَّا الْعُشْرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا تُسْتَعْمَلُ لِلْوَاحِدِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالتَّكْمِلَةُ) .

إنَّ تَعْبِيرَ حُقُوقِ الْعِبَادِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي حَدِّ الزِّنَا قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ أَثْنَاءَ الْحَدِّ فَرُجُوعُهُ صَحِيحٌ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ (الدُّرَرُ) .

إلَّا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِقْرَارِ لَيْسَ رُجُوعًا عَنْ الْإِقْرَارِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَيُوَضَّحُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْإِقْرَارِ: الِاسْتِثْنَاءُ مَعْنًى، وَلَيْسَ صُورَةً هُوَ التَّكَلُّمُ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا يَعْنِي بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ بِاعْتِبَارِ الْحَاصِلِ مِنْ مَجْمُوعِ التَّرْكِيبِ.

أَمَّا بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ اللَّفْظِيَّةِ فَهُوَ نَفْيٌ وَإِثْبَاتٌ أَيْ أَنَّ صَدْرَ الْجُمْلَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّة، وَأَوَّلُهَا نَفْيٌ وَعَجُزُهَا وَآخِرُهَا إثْبَاتٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُبَيَّنُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَتَنَاوَلُ الصَّدْرَ الْمُسْتَثْنَى.

مَثَلًا إنَّ لِلْقَائِلِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةً عِبَارَتَيْنِ مُطَوَّلُهُمَا: أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةً، وَمُخْتَصَرُهُمَا أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ تِسْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَبِهَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ ظَهَرَ مَعْنَى التَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>