للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا أَضَافَ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ فِي إقْرَارِهِ إضَافَةً صَرِيحَةً بِإِضَافَةِ الْمِلْكِ، أَوْ تَقْدِيرًا يَكُونُ قَدْ وَهَبَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَتِمُّ مِثْلُ هَذَا الْإِقْرَارِ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَسْلِيمٌ مِنْ جَانِبِ الْمُقِرِّ، وَقَبْضٌ مِنْ جَانِبِ الْمُقَرِّ لَهُ، يَعْنِي لَا يَكُونُ الْمُقِرُّ مَجْبُورًا بِتَسْلِيمِ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٧) لِأَنَّ إضَافَةَ الْمُقِرِّ الْمُقَرَّ بِهِ لِنَفْسِهِ مُنَافِيَةٌ لِحَمْلِ الْإِقْرَارِ عَلَى كَوْنِهِ إخْبَارًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُمْتَنَعِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الَّذِي هُوَ مِلْكُ الْمُقِرِّ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ فَلِذَلِكَ يُجْعَلُ هَذَا الْإِقْرَارُ هِبَةً وَإِنْشَاءً، وَالْقَبْضُ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٨٣٧) .

وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُطْلَقَ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٢٨) وَلَوْ قَالَ: دَارِي هَذِهِ لِأَوْلَادِي الْأَصَاغِرِ يَكُونُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْأَوْلَادَ كَانَ بَاطِلًا، وَإِنْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِلْأَصَاغِرِ مِنْ أَوْلَادِي فَهُوَ إقْرَارٌ وَهِيَ لِثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْغَرِهِمْ.

لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الدَّارَ لِنَفْسِهِ (التَّنْقِيحُ) .

قِيلَ (إضَافَةُ الْمِلْكِ) لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إذَا كَانَتْ إضَافَةً بِالنِّسْبَةِ يَكُونُ إقْرَارًا، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ هِبَةً.

مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ مَا فِي غُرْفَتِي، أَوْ مَنْزِلِي، أَوْ دَارِي مِنْ الْأَمْوَالِ هِيَ لِفُلَانٍ فَصَحِيحٌ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ الدَّوَابُّ الْمَوْجُودَةُ فِي الْمَرْعَى نَهَارًا، وَتَكُونُ فِي الدَّارِ لَيْلًا؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ إضَافَةَ مِلْكٍ بَلْ إضَافَةُ نِسْبَةٍ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُضِفْ الْمُقَرَّ بِهِ الْمَظْرُوفَ إلَى نَفْسِهِ بَلْ أَضَافَ الظَّرْفَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَإِذَا لَمْ يُضِفْ الْمُقَرَّ بِهِ لِنَفْسِهِ إضَافَةَ مِلْكٍ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِكَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ بِنَفْيِ الْمِلْكِ عَنْ الْمُقَرِّ بِهِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَمْلِكُ الْمُقَرُّ لَهُ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ قَضَاءً.

وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَأْمُرُ الْقَاضِي الْمُقِرَّ بِتَسْلِيمِ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ لِلْمُقَرِّ لَهُ عِنْدَ ثُبُوتِ هَذَا الْإِقْرَارِ.

أَمَّا دِيَانَةً فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ وَالْأَمْوَالُ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ حَقِيقَةً بِأَنْ كَانَتْ بِيعَتْ لَهُ بَيْعًا صَحِيحًا، أَوْ وُهِبَتْ وَسُلِّمَتْ لَهُ أَيْ بِأَنْ مُلِّكَتْ لَهُ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ، أَوْ كَانَتْ قَبْلَ الْإِقْرَارِ مِلْكًا لَهُ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ مِنْ آخَرَ أَوْ الِاتِّهَابِ وَالتَّسْلِيمِ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ إرْثًا، أَوْ بِطَرِيقِ إحْرَازِ مَالٍ مُبَاحٍ بِأَنْ كَانَتْ مِلْكًا لَهُ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ أَيْ بِأَنْ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لَدَى الْحَاجَةِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ تِلْكَ الْأَمْوَالَ وَالْأَشْيَاءَ هِيَ فِي الْأَصْلِ مِلْكٌ لِي حَتَّى إنَّ الْمُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِهَا لِي، وَأَنْ يَضْبِطَ تِلْكَ الْأَمْوَالَ وَالْأَشْيَاءَ؛ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ وَالْأَشْيَاءُ مِلْكَهُ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ تُمَلَّكْ لَهُ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ مِنْ طَرَفِ الْمُقِرِّ فَلَا يَحِلُّ لَهُ ضَبْطُ تِلْكَ الْأَمْوَالِ بِمُطْلَقِ هَذَا الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْكَاذِبَ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ) .

مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِي دَارِهِ هِيَ لِزَوْجَتِهِ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ مِلْكَهُ، وَلَمْ تَكُنْ لِزَوْجَتِهِ فَلَيْسَ لِزَوْجَتِهِ دِيَانَةً أَخْذُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْشَاءً لَكَانَ ذَلِكَ حَلَالًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٥٧٢) .

إيضَاحُ الْإِضَافَةِ تَقْدِيرًا: إذَا لَمْ يُضِفْ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ فَيَكُونُ إقْرَارًا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمِنَحِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْرُوفًا وَمَشْهُورًا بَيْنَ النَّاسِ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُقِرِّ وَظَاهِرًا بِأَنَّهُ مِلْكٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>