للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمُمَلَّكِ فَحَيْثُ لَمْ يُضِفْ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ صَرِيحًا إلَى نَفْسِهِ فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ مَوْجُودَةً تَقْدِيرًا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا بَلْ يَكُونُ تَمْلِيكًا فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ شُرُوطِ التَّمَلُّكِ.

وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الْمِلْكُ ظَاهِرًا أَنَّهُ لِلْمُمَلَّكِ فَيَكُونُ تَمْلِيكًا، وَإِلَّا يَكُونُ إقْرَارًا إذَا كَانَتْ تُوجَدُ قَرِينَةٌ عَلَى كَوْنِهِ إقْرَارًا، أَوْ تَمْلِيكًا إذَا كَانَ يُوجَدُ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ تَمْلِيكًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ جَمِيعَ مَا فِي يَدِي مِنْ أَمْوَالِي وَأَشْيَائِي أَوْ جَمِيعَ مَالِي، أَوْ جَمِيعَ مَا أَمْلِكُهُ هُوَ لِفُلَانٍ، وَلَا عَلَاقَةَ لِي فِيهِ مُطْلَقًا (وَلَفْظَةُ جَمِيعٍ هِيَ مِثَالٌ) فَلَوْ قَالَ: إنَّ مَالِي الْفُلَانِيَّ، أَوْ كَذَا عَدَدًا مِنْ دَنَانِيرِي هِيَ لِفُلَانٍ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ قَدْ أَضَافَ الْمُقِرُّ الْأَمْوَالَ وَالْأَشْيَاءَ الْمُقَرَّ بِهَا إلَى نَفْسِهِ إضَافَةَ مِلْكٍ؛ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ أَيْ وَقْتَ الْإِقْرَارِ قَدْ وَهَبَ الْمُقِرُّ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ وَأَشْيَائِهِ الَّتِي فِي يَدِهِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَجِبُ لِتَمَامِ ذَلِكَ تَسْلِيمُ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمُقَرِّ بِهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَقَبْضُهَا مِنْ طَرَفِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ شَيْئًا بِدُونِ حُصُولِ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٥٨) (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ فِي الْإِقْرَارِ) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ إقْرَارًا لَمَا احْتَاجَ لِلتَّسْلِيمِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ الْأَرْضَ الْمَحْدُودَةَ بِحُدُودِ كَذَا هِيَ لِفُلَانٍ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا بِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُقِرِّ فَحَيْثُ يُوجَدُ فِي ذَلِكَ إضَافَةُ الْمِلْكِ إلَى نَفْسِهِ تَقْدِيرًا فَيَكُونُ تَمْلِيكًا عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْمِنَحِ.

وَإِذَا قَالَ: إنَّ كَافَّةَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَنْسُوبَةِ لِي مَا عَدَا ثِيَابِي الَّتِي عَلَيَّ، أَوْ إنَّ مَا يُقَالُ لِي قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ هِيَ لِفُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهَا مُطْلَقًا.

فَبِمَا أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُضِفْ الْأَمْوَالَ وَالْأَشْيَاءَ الْمُقَرَّ بِهَا إلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ أَيْ الْأَمْوَالِ الَّتِي يُقَالُ: إنَّهَا لَهُ صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا هِيَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَقَدْ نَفَى الْمِلْكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي تَمَامِهَا.

الْخُلَاصَةُ: وَحَيْثُ إنَّ الْمُقَرَّ بِهِ فِي هَذَا عَامٌّ وَغَيْرُ مَجْهُولٍ فَالْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ صَحِيحَانِ.

مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ وَالْأَمْتِعَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي دَارِهِ هِيَ مَالٌ لِزَوْجَتِهِ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ عِلْمُ الشُّهُودِ وَقْتَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ مُحِيطًا بِجَمِيعِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، أَوْ غَيْرَ عَالِمِينَ بِأَحَدِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، فَشَهَادَةُ الشُّهُودِ عَلَى إقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ تُقْبَلُ عَلَى أَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ، وَلَا تَكُونُ شَهَادَةً بِالْمَجْهُولِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى وَفَتَاوَى ابْنِ السُّعُودِ وَالْخَانِيَّةُ) .

إنَّ الْمِثَالَيْنِ كَانَا نُشِرَا عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ.

أَمَّا إذَا مَلَكَ الْمُقِرُّ بَعْدَ إقْرَارِهِ هَذَا بَعْضَ الْأَشْيَاءِ فَلَا يَشْمَلُ إقْرَارُهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي مَلَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْدُومًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٧٩) أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ عَلَى وُجُودِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، أَوْ حُدُوثِهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْمُقِرِّ، وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَقْتَ الْإِقْرَارِ يُقْبَلُ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٦) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ وَالتَّنْقِيحُ) .

مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِآخَرَ إقْرَارًا عَامًّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ نَفَى الْمِلْكَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>