للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِشِفَاءِ الْمَرِيضِ.

وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَرَضِهِ الْمَذْكُورِ يُجْبَرُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى رَدِّ وَإِعَادَةِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَى التَّرِكَةِ وَهَذَا فِي حَالَةِ وُجُودِ وَارِثٍ آخَرَ لِلْمُتَوَفَّى لَمْ يُجِزْ الْإِقْرَارَ (التَّكْمِلَةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

فَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِمَرَضِ مَوْتٍ بِدَيْنٍ مُشْتَرَكٍ لِوَارِثٍ، وَلِأَجْنَبِيٍّ فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْوَارِثِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ، وَلَا يَصِحُّ نُفُوذُهُ إلَى خِلَافِ الْجِهَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا الْمُقِرُّ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ مُشْتَرَكًا فَلَا يَجُوزُ نَفَاذُهُ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَالٍ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ، فَإِذَا بَطَلَتْ الصِّفَةُ يَبْطُلُ الْأَصْلُ كَمَا لَوْ تَصَادَقَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِوَارِثِهِ وَلِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مُشْتَرَكًا فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ تَصَادَقَ الْوَارِثُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِي الشَّرِكَةِ، أَوْ أَنْكَرَ الْأَجْنَبِيُّ الشَّرِكَةَ وَادَّعَى أَنْ جَمِيعَ الدَّيْنِ لَهُ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٦) وَشَرْحَهَا.

إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِمَرَضِ مَوْتِهِ لِوَارِثِهِ فِي أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارَاتِ وَهِيَ:

١ - إذَا صَدَّقَ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ إقْرَارَ الْمُقِرِّ فَلَيْسَ لَهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ هَذَا، وَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْمُقِرِّ الْمَرِيضِ، وَيَكُونُ لَازِمًا.

وَهَذَا التَّصْدِيقُ لَيْسَ كَالْإِجَازَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ آنِفًا؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ إقْرَارٌ مِنْ الْوَرَثَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ الَّذِي لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: إنَّنِي مَدِينٌ لِوَلَدِي فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَصَدَّقَ وَلَدَاهُ إقْرَارَهُ بِقَوْلِهِمَا: إنَّ وَالِدَنَا مَدِينٌ لِأَخِينَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَتُوُفِّيَ الْمُقِرُّ بَعْدَ حُصُولِ هَذَا التَّصْدِيقِ فَلَيْسَ لِلْوَلَدَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمَا هَذَا وَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْمُقِرِّ.

كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّهُ قَبَضَ مَطْلُوبَهُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي فِي ذِمَّةِ وَارِثِهِ فُلَانٍ وَصَدَّقَ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ عَلَى ذَلِكَ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ فَلَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حَيْثُ لَا تَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (الزَّيْلَعِيّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

٢ - الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ بِالْأَمَانَةِ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِقَبْضِ الْأَمَانَةِ الَّتِي عِنْدَ وَارِثِهِ، أَوْ بِاسْتِهْلَاكِ الْوَدِيعَةِ الْمَعْلُومَةِ وَالْمَعْرُوفَةِ الَّتِي عِنْدَ وَارِثِهِ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ، وَلَوْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ وَيُصَدِّقُوا عَلَى ذَلِكَ.

وَتَعْبِيرُ الْأَمَانَةِ، يَشْمَلُ الْوَدِيعَةَ وَمَالَ الشَّرِكَةِ وَمَالَ الْمُضَارَبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَمَانَاتِ فَذَلِكَ إذَا وَكَّلَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ مَدِينِهِ وَقَبَضَ الْوَارِثُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ فَأَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ الْوَارِثِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ صَحَّ إقْرَارُهُ.

أَمَّا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّ لِوَارِثِهِ أَمَانَةً عِنْدَهُ يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ هِيَ أَمَانَةٌ لِوَلَدِهِ فُلَانٍ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ.

وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِقَوْلِهِ: أَخَذْتُ وَقَبَضْتُ أَمَانَتِي الَّتِي أَوْدَعْتُهَا عِنْدَ ابْنِي فُلَانٍ فَإِقْرَارُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>