للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ الْإِقْرَارَ يُظْهِرُ الْمِلْكِيَّةَ، وَيَظْهَرُ بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ بِالْمِثَالِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ كَانَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ. فَعَلَى ذَلِكَ لَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ وَجْهِ إخْبَارٍ وَالْإِخْبَارُ إنَّمَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ فَلَا يَتَخَلَّفُ مَدْلُولُهُ الْوَضْعِيُّ. حَتَّى إنَّ الْمُقِرَّ إذَا أَقَرَّ كَاذِبًا فَلَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُ الْمُقَرِّ بِهِ دِيَانَةً مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ الْمُقِرُّ بِرِضَائِهِ الْمُقَرِّ لَهُ وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَكُونُ هِبَةً ابْتِدَاءً (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١ ٥٩ ١) وَشَرْحَهَا، فَلَوْ كَانَ إنْشَاءً لَكَانَ سَبَبَ وُجُودِ الْمَالِ (الْبَحْرُ) أَمَّا الْإِنْشَاءَاتُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَحَيْثُ إنَّهَا إيجَادٌ فَيَمْتَنِعُ تَخَلُّفُهَا عَنْ مَدْلُولِهَا الْوَضْعِيِّ (الدُّرَرُ) كَالْكَسْرِ وَالْإِخْبَارِ عَنْ الْكَسْرِ يَعْنِي إذَا كَسَرَ أَحَدٌ زُجَاجًا كَانَ هَذَا إنْشَاءً وَإِيجَادَ فِعْلٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ لَا يَنْكَسِرَ. أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ كَسَرْت الزُّجَاجَ فَهُوَ إخْبَارٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَسَرَ الزُّجَاجَ وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَكُونُ صَادِقًا فِي قَوْلِهِ كَسَرْت الزُّجَاجَ كَمَا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكْسِرْ الزُّجَاجَ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَكُونُ كَاذِبًا فِي إخْبَارِهِ. قَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْ الذِّكْرِ عَلَى كَوْنِ الْإِقْرَارِ لَيْسَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ الْمَدِينُ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَا يَتَوَقَّفُ إقْرَارُهُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لَنَفَذَ فِي ثُلُثِ مَالِهِ فَقَطْ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ بِأَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ لِفُلَانٍ صَحَّ فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ لَكَانَ هَذَا الْإِقْرَارُ تَبَرُّعًا مِنْ الْمَأْذُونِ.

عَدَمُ كَوْنِ الْإِقْرَارِ سَبَبَ مِلْكٍ فِي الْمُعَامَلَاتِ - فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، رَأْسًا، وَلَيْسَ دَفْعًا، عَيْنًا أَوْ دَيْنًا مُتَّخِذًا إقْرَارَهُ سَبَبَ مِلْكٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ هَذِهِ تَكُونُ كَأَنَّهُ يُطَالِبُ بِمَالٍ مِنْ أَجْلِ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ سَبَبَ وُجُوبٍ (التَّكْمِلَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ والشُّرُنْبُلاليُّ وَالْخَانِيَّةُ) . وَدَعْوَى الْإِقْرَارِ غَيْرُ الْمَسْمُوعَةِ تَكُونُ عَلَى صُورَتَيْنِ:

الصُّورَةُ الْأُولَى - الِادِّعَاءُ ابْتِدَاءً بِالْإِقْرَارِ كَقَوْلِهِ قَدْ أَقْرَرْت لِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَدِّهِ لِي.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - الِادِّعَاءُ بِاِتِّخَاذِ الْإِقْرَارِ سَبَبَ مِلْكٍ وَالصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَجَلَّةِ هِيَ هَذِهِ (النَّتِيجَةُ) وَتَعْبِيرُ دَعْوَى الدَّارِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْإِقْرَارُ عَلَى الشَّهَادَةِ مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: قَدْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ لِهَذَا الْمُدَّعِي كَانَ جَائِزًا وَلَا حَاجَةَ لَأَنْ يَذْكُرُوا فِي شَهَادَتِهِمْ إنَّكَ مِلْكُهُ وَحَتَّى الدَّعْوَى الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) .

مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي هُوَ ذُو الْيَدِ عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لِي فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُسْمَعُ شُهُودٌ عَلَى إقْرَارِهِ هَذَا لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَتَّخِذْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْإِقْرَارَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ بَلْ اتَّخَذَهُ دَلِيلًا عَلَى مُدَّعَاهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ شَاهِدٌ يَشْهَدُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى

<<  <  ج: ص:  >  >>