الْقِسْمُ السَّادِسُ - خَصْمٌ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَقَطْ وَغَيْرُ خَصْمٍ فِي الْإِقْرَارِ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ الْغَائِبِ كَذَا دِينَارًا وَهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ وَكِيلُ الْغَائِبِ بِالْخُصُومَةِ فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ حَتَّى إنَّهُ لَا يُقْبَلُ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي فِي مُوَاجَهَةِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ دَيْنًا.
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي مُوَاجَهَةِ زَيْدٍ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى بِاعْتِبَارِ زَيْدٍ وَصِيًّا عَنْ الْمُتَوَفَّى وَأَقَرَّ زَيْدٌ بِأَنَّهُ وَصِيٌّ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا تَجُوزُ خُصُومَتُهُ (الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى زَيْدٌ مُبْرِزًا سَنَدًا يَضْمَنُ بِأَنَّ عَمْرًا دَائِنٌ وَبَكْرًا مَدِينٌ وَجَلَبَ بَكْرًا إلَى الْمَحْكَمَةِ وَادَّعَى الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ بَكْرٍ قَائِلًا بِأَنَّ عَمْرًا الْغَائِبَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ هُوَ لِي وَسَأُثْبِتُ إقْرَارَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَكْرٌ بِأَنَّ الْغَائِبَ مَدِينٌ لِزَيْدٍ فَيَكُونُ الْمُدَّعِي خَصْمًا وَيَكُونُ قَادِرًا عَلَى إثْبَاتِ مُدَّعَاهُ أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْغَائِبِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي مَا لَمْ يَكُنْ الْغَائِبُ حَاضِرًا (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٩٠) .
أَمَّا إنْكَارُ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي فَصَحِيحٌ وَتُسْتَمَعُ عَلَيْهِمْ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتُهُ إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي فِي الدَّعْوَى الْمُقَامَةِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَحَدٍ عَلَى عَقْدٍ صَادِرٍ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ الْيَمِينَ فِي حَالَةِ إنْكَارِهِمْ.
أَمَّا عَقْدُ النِّكَاحِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ الْأَبَ بِالْوِلَايَةِ بِنْتَه لِآخَرَ فَفِي الدَّعْوَى الَّتِي تَحْدُثُ عَنْ هَذَا الْعَقْدِ لَا يَحْلِفُ الْأَبُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُزَوِّجْ بِنْتَه سَوَاءٌ كَانَتْ الْبِنْتُ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ يَحْلِفُ أَبُ الصَّغِيرَةِ فِي حَقِّ تَزْوِيجِهِ لِبِنْتِهِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) وَالْإِيضَاحَاتُ عَلَى ذَلِكَ سَتُبَيَّنُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٨١٩) مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ مَثَلًا: لَوْ بَاعَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ مَالَهُ بِمُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ كَضَرُورَةِ النَّفَقَةِ أَوْ الدَّيْنِ الْمُثْبَتِ وَوَقَعَتْ مِنْ قِبَلِ الْمُشْتَرِي دَعْوَى كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُشْتَرِي مَثَلًا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ هِيَ مَالُ الصَّبِيِّ الْفُلَانِيِّ وَقَدْ بَاعَنِي إيَّاهَا أَبُوهُ الْمَحْمُودُ الْحَالُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ كَذَا دَرَاهِمَ فَلْيُسَلِّمْ لِي إيَّاهَا فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ فَإِذَا أَقَرَّ الْوَلِيُّ الْمَذْكُورُ بِالْبَيْعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُدَّعِي وَإِذَا أَنْكَرَ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٧٣) .
إنَّ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ كَأَبِيهِ وَأَبِ الْأَبِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الصَّغِيرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسَوِّغٌ شَرْعِيٌّ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٣٦٥) وَلِذَلِكَ فَتَعْبِيرُ (مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنَى الْوَلِيِّ هَذَا وَإِذَا قُصِدَ مِنْ الْوَلِيِّ هُنَا الشَّخْصُ الَّذِي لَهُ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ فَتَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِوَصِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَبِيعَ عَقَارَهُ بِدُونِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ. كَذَلِكَ يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُتَوَلِّي الَّذِي يَدَّعِي عَلَيْهِ بِعَقْدٍ عَقَدَهُ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ فِي حَقِّ أَحْمَدَ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ الَّتِي هِيَ تَحْتَ يَدِ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورِ قَائِلًا: قَدْ أَجَرْتنِي الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَسَلِّمْنِي إيَّاهُ وَأَنْكَرَ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَلَمْ يُثْبِتْ مُدَّعَاهُ فَيَحْلِفُ الْمُتَوَلِّي عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُؤَجِّرْ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت مِنِّي كَذَا أَشْيَاءَ لِلَوَازِمِ الْوَقْفِ وَقَبَضْتهَا فَأَدِّ لِي الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ الْمُتَوَلِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute