للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسَائِلُ الْمُخَمَّسَةُ: إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ قَدْ ذَكَرَتْ أَرْبَعَ مَسَائِلَ وَذَكَرَ فِي الشَّرْحِ مَسْأَلَةً وَهِيَ الْمَسَائِلُ الْمَشْهُورَةُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ بِاسْمِ الْمَسَائِلِ الْمُخَمَّسَةِ. وَالتَّعْبِيرُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِالْمَسَائِلِ الْمُخَمَّسَةِ مَبْنِيٌّ لِوُجُودِ خَمْسِ صُوَرٍ لَهَا بِاعْتِبَارِ الْأُصُولِ، وَهِيَ الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْإِجَارَةُ وَالرَّهْنُ وَالْغَصْبُ وَالْأُمُورُ السِّتَّةُ الْآتِيَةُ الذِّكْرِ رَاجِعَةٌ لِلْأُصُولِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ:

١ - أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْغَائِبِ فُلَانٍ قَدْ وَكَّلَنِي بِحِفْظِهِ.

٢ - إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ قَدْ أَسْكَنَنِي بِهِ، فَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ تَرْجِعَانِ إلَى الْأَمَانَةِ.

٣ - أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَدْ سَرَقْته مِنْهُ.

٤ - أَنْ يَقُولَ إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَدْ أَخَذْته مِنْهُ، فَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ دَاخِلَتَانِ فِي الْغَصْبِ.

٥ - أَنْ يَقُولَ إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَدْ أَضَاعَهُ وَالْتَقَطْته فَإِذَا كَانَ حِينَ الْأَخْذِ أَشْهَدَ وَرَاعَى شَرَائِطَ اللُّقَطَةِ فَتَكُونُ أَمَانَةً وَإِلَّا تَرْجِعُ إلَى الْغَصْبِ (الْبَحْر) .

٦ - أَنْ يَقُولَ إنَّ الْأَرْضَ الْمُدَّعَى بِهَا هِيَ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهِيَ فِي يَدِي مُزَارَعَةً مِنْ قِبَلِهِ، وَهَذِهِ تَلْتَحِقُ بِالْإِجَارَةِ الْوَدِيعَةِ (الْبَحْرُ) فَعَلَيْهِ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ أَرْضًا مِنْ آخَرَ عَلَى طَرِيقِ الْمُزَارَعَةِ وَعَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْبِذَارُ مِنْهُ فَيَكُونَ كَالْمُسْتَأْجِرِ فَإِذَا ظَهَرَ مُدَّعٍ وَادَّعَى بِأَنَّ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ مِلْكُهُ فَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمَالِكِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْبِذَارُ مِنْهُ فَيَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ الزَّرْعُ نَابِتًا فَيُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَإِذَا لَمْ يَنْبُتْ فَلَا يُشْتَرَطُ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا مَالُ الْمُضَارَبَةِ فَإِذَا ادَّعَى بِاسْتِحْقَاقِهِ يَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَالْمُضَارِبُ خَصْمٌ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ رَبِّ الْمَالِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ فَيُشْتَرَطُ حُضُورُ رَبِّ الْمَالِ فِي الدَّعْوَى بِهِ، وَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

تَوْضِيحُ الْمَسَائِلِ الْمُخَمَّسَةِ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: هَذَا الْمَالُ لِي. فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ يَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ يَدُ وَدِيعَةٍ. أَوْ يَدُ عَارِيَّةٍ أَوْ يَدُ اسْتِئْجَارٍ أَوْ يَدُ ارْتِهَانٍ أَوْ يَدُ غَصْبٍ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَتَخَاصَمَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَطْ بَلْ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمَالِكِ (الْبَحْرُ) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُتَشَبِّثٌ لِإِزَالَةِ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ مُتَصَدٍّ لِإِزَالَةِ مِلْكِ الْمُودِعِ. وَلِذَلِكَ فَأَثْنَاهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِمَا. وَيَجِبُ حِينَ الدَّعْوَى حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦١٨) .

وَهَذَا الثُّبُوتُ (أَوَّلًا) يَكُونُ بِالْبَيِّنَةِ فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ مَالِي فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِلْغَائِبِ فُلَانٍ قَدْ أَوْدَعَنِي إيَّاهُ أَوْ رَهَنَهُ لِي أَوْ أَجَرَنِي إيَّاهُ أَوْ إنَّنِي غَصَبْته وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ هَذِهِ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ فَتَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي. وَيَقْتَضِي تَأْخِيرَ الدَّعْوَى لِحُضُورِ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَثْبَتَ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ: (أَوَّلًا) : إنَّ الْمِلْكَ هُوَ لِلْغَائِبِ وَهَذَا الْإِثْبَاتُ مَقْبُولَةٌ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ الْغَائِبِ خَصْمٌ يُثْبِتُ ذَلِكَ.

(ثَانِيًا) : قَدْ أَثْبَتَ دَفْعَ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي وَهَذِهِ الْجِهَةُ مَقْبُولَةٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>