فَلَا يُسْمَعُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ الدَّيْنِ يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ الْوُجُوبِ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَنْكَرَ سَبْقَ الْوُجُوبِ بِالْكُلِّيَّةِ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا كَفَلْتَ الْمَبْلَغَ الْمَطْلُوبَ لِي مِنْ ذِمَّةِ فُلَانٍ وَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا لِلدَّعْوَى بِقَوْلِهِ لَمْ أَكْفُلْ مُطْلَقًا وَبَعْدَ أَنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي الْكَفَالَةَ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَادَّعَى قَائِلًا: إنَّك قَدْ أَبْرَأْتنِي مِنْ الْكَفَالَةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْبَهْجَةُ) كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ لَمْ يَقَعْ بَيْنَنَا شَرِكَةٌ مُطْلَقًا أَوْ قَالَ إنَّك لَمْ تُؤَدِّ لِي أَيَّ مَالٍ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ قَدْ أَدَّيْتُك ذَلِكَ الْمَالَ فَلَا يُقْبَلُ.
أَمَّا إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ فِي يَدَيْ مَالُ شَرِكَةٍ أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك الْآنَ شَرِكَةٌ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ رَدَدْت لَك ذَلِكَ الْمَالَ يُقْبَلُ الدَّفْعُ.
٣ - كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْحَانُوتَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ بِقَوْلِهِ إنَّهُ مِلْكِي فَدَفَعَ ذُو الْيَدِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: نَعَمْ إنَّ الْحَانُوتَ الْمَذْكُورَ كَانَ مِلْكَك لَكِنْ قَدْ بِعْتنِي إيَّاهُ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ كُلِّيًّا بِقَوْلِهِ لَمْ يَجْرِ بَيْنَنَا بَيْعٌ وَشِرَاءٌ مُطْلَقًا وَبَعْدَ أَنْ أَثْبَتَ ذُو الْيَدِ دَعْوَاهُ رَجَعَ الْمُدَّعِي وَقَالَ: نَعَمْ كُنْت فِي الْحَقِيقَةِ قَدْ بِعْتُك الْحَانُوتَ الْمَذْكُورَ فِي ذَلِكَ التَّارِيخِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ وَقَعَ وَفَاءً أَوْ كَانَ بِكَذَا شَرْطًا مُفْسِدًا لَوْ أَنَّنَا أَقَلْنَا الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَصَدَ الْفَسْخَ فَلَا يُقْبَلُ.
٤ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دَرَاهِمَ وَادَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَمْ أُؤَدِّ لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ بَلْ أَدَّيْته إلَى فُلَانٍ بِدُونِ إذْنٍ مِنْك ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ هَذَا الْإِقْرَارِ بِقَوْلِهِ قَدْ أَدَّيْت لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
٥ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ حَتَّى إنَّكَ قَدْ أَدَّيْتنِي سَنَدًا بِذَلِكَ مُعَنْوَنًا وَمَرْسُومًا وَمُحْتَوِيًا عَلَى خَطِّك وَخَتْمِك وَمُتَضَمِّنًا إقْرَارَك بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَتَعَامَلْ مَعَك مُطْلَقًا وَلَمْ أُقِرَّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ أُحَرِّرْ عَلَى نَفْسِي سَنَدًا بِذَلِكَ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْإِقْرَارَ وَالسَّنَدَ كَانَ مُوَاضَعَةً لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ.
٦ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِدَيْنٍ مِنْ جِهَةٍ مَعْلُومَةٍ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا قَدْ أَدَّيْت لَك ذَلِكَ فِي سُوقِ الْحَمِيدِيَّةِ مَثَلًا وَلَمْ يُثْبِتْ دَفْعَهُ هَذَا ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى قَائِلًا: قَدْ أَدَّيْت لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ فِي الْمَيْدَانِ فَلَا يُقْبَلُ دَفْعُهُ هَذَا مَا لَمْ يُوَفِّقْ كَلَامُهُ بِقَوْلِهِ: قَدْ أَدَّيْت الْمَبْلَغَ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي الْمَيْدَانِ حَيْثُ قَدْ أَنْكَرَ اسْتِلَامَ الْمَبْلَغِ فِي الْحَمِيدِيَّة. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٥٦) (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
٧ - إذَا أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِكَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ إقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْأَصِيلَ قَدْ أَوْفَى الدَّيْنَ أَوْ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَنِي قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَلَا يُقْبَلُ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ قَالَ فِي مَجْلِسِ الْإِقْرَارِ قَدْ أَدَّيْت لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى بَعْدَ فَضِّ الْمَجْلِسِ: بِأَنَّهُ قَدْ ادَّعَى كُلَّ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ لَا يُقْبَلُ أَيْضًا. أَمَّا إذَا ادَّعَى بَعْدَ فَضِّ الْمَجْلِسِ بِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى الْمَبْلَغَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَيُقْبَلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute