السَّنَةُ الَّتِي تُعْتَبَرُ فِي مُرُورِ الزَّمَنِ: تُعْتَبَرُ فِي مُرُورِ الزَّمَنِ السَّنَةُ الْعَرَبِيَّةُ أَيْ الْقَمَرِيَّةُ وَلَيْسَتْ السَّنَةَ الشَّمْسِيَّةَ فَلِذَلِكَ يَجِبُ حِسَابُ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ بِالسَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ؛ مَثَلًا إذَا كَانَ السَّنَدُ الْمُحْتَوِي الدَّيْنِ مُؤَرَّخًا بِتَارِيخِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ وَلَمْ يُؤَرَّخْ بِالسَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ فَيُحْسَبُ مُرُورُ ذَلِكَ بِالسَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ. مَبْدَأُ وَمُنْتَهَى مُرُورِ الزَّمَنِ: إنَّ مَبْدَأَ مُرُورِ الزَّمَنِ يَبْتَدِئُ مِنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَمُنْتَهَاهُ إقَامَةُ الدَّعْوَى فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ يَجِبُ حِسَابُ مَبْدَئِهِ وَمُنْتَهَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. إذَا أَثْبَتَ مَنْ ادَّعَى مُرُورَ الزَّمَنِ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَبِهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ الْيَمِينَ؟ أَيْ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّنِي مُتَصَرِّفٌ فِي هَذَا الْعَقَارِ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً بِلَا نِزَاعٍ وَأَنْتَ سَكَتَّ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي تَصَرُّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ تَصَرُّفَهُ. هَذَا فَهَلْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُحَلِّفَ خَصْمَهُ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِتَصَرُّفِهِ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً؟ لَمْ أَرَ صَرَاحَةً فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ بَيَّنُوا تَحْتَ قَاعِدَةٍ عُمُومِيَّةٍ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْيَمِينُ وَهِيَ: كُلُّ مَوْضِعٍ يَلْزَمُ فِيهِ الْخَصْمَ إذَا أَقَرَّ يُسْتَحْلَفُ إذَا أَنْكَرَ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ وَمُرُورُ الزَّمَنِ لَيْسَ مِنْهَا (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الدَّعْوَى) فَعَلَى ذَلِكَ يَلْزَمُ الْيَمِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَسَبَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. إنَّ بَيِّنَةَ مُرُورِ الزَّمَنِ مُرَجِّحَةٌ. تَرْجِعُ بَيِّنَةً مُرُورِ الزَّمَنِ عَلَى بَيِّنَةِ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي مَرَّتْ أَقَلُّ مِنْ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا أَوْ أَرْضًا أَمِيرِيَّةً.
مَثَلًا إذَا ادَّعَى ذُو الْيَدِ بِأَنَّ الْمِلْكَ الْعَقَارَ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ فِي تَصَرُّفِهِ بِلَا نِزَاعِ زِيَادَةٍ عَنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ وَادَّعَى الْمُدَّعِي الْخَارِجُ بِأَنَّ مُدَّةَ تَصَرُّفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هِيَ عَشْرُ سَنَوَاتٍ وَأَنَّ دَعْوَاهُ مَسْمُوعَةٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ (الطَّرِيقَةُ الْوَاضِحَةُ) . إذَا أَقَامَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو دَعْوَى فَادَّعَى عَمْرٌو أَنَّهُ مَرَّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَادَّعَى زَيْدٌ بِأَنَّهُ لَمْ تَمُرَّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَأَيُّهُمَا كَانَ مَشْهُورًا أَوْ مَعْرُوفًا يَعْمَلُ بِهَا. أَمَّا إذَا أَثْبَتَ زَيْدٌ أَنَّهُ قَدَّمَ الدَّعْوَى قَبْلَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَيَعْمَلُ بِهَا (أَبُو السُّعُودِ) وَإِنَّ صُدُورَ الْحُكْمِ بِالْمُدَّعَى بِهِ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ مُرُورِ الزَّمَنِ فَلِذَلِكَ لَوْ اسْتَحْصَلَ أَحَدٌ حُكْمًا بِمَطْلُوبِهِ وَلَمْ يَطْلُبْهُ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَمْ يَضَعْ إعْلَامَ الْحُكْمِ لِأَجْلِ تَنْفِيذِهِ فِي الْإِجْرَاءِ يَحْصُلُ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي حَالَةِ تَصَرُّفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ أَمَّا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا وَمَشْهُورًا أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ بِالْوَكَالَةِ عَنْ الْمُدَّعِي فَلَا يَتَحَقَّقُ مُرُورُ الزَّمَنِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا إنَّ الْعَقَارَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي فِي يَدِك هُوَ مِلْكِي وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute