الْمُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ.
الْمَادَّةُ (٦٧٦ ١) - (الْبَيِّنَةُ هِيَ الْحُجَّةُ الْقَوِيَّةُ) قَدْ ذُكِرَ مَعْنَى الْبَيِّنَةِ اللُّغَوِيُّ وَأَمَّا مَعْنَاهَا الشَّرْعِيُّ فَهُوَ: الْحُجَّةُ الْقَوِيَّةُ. وَلَفْظُ الْحُجَّةِ، بِمَقَامِ التَّعْرِيفِ الْجِنْسِيِّ فَكَمَا أَنَّهَا تَشْمَلُ الشَّهَادَةَ فَهِيَ عَامَّةٌ تَشْمَلُ الْإِقْرَارَ وَالنُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ (الْحَمَوِيُّ) . وَلَفْظُ " قَوِيَّةٍ " بِمَثَابَةِ فَصْلِ التَّعْرِيفِ فَيُخْرِجُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارَ وَالنُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ الْحُكْمُ تَعْلِيقًا عَلَى النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ - بِمَا أَنَّ الْحُجَجَ الشَّرْعِيَّةَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى الْخَصْمِ الْمُتَمَرِّدِ وَالْمُتَوَارِي غَيْرِ الْمُمْكِنِ إحْضَارُهُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي حُكْمًا مُعَلَّقًا عَلَى نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ مُسْتَنِدًا إلَى إحْدَى الْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا وَلَا يَصِحُّ. وَاسْمُ الْبَيِّنَةِ الْآخَرُ الشَّهَادَةُ وَقَدْ عُرِّفَتْ فِي الْمَادَّةِ (١٦٨٤) وَالتَّعْرِيفُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ. لَمْ يَرِدْ فِي أَحَدِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ تَعْرِيفٌ لِلْبَيِّنَةِ كَالتَّعْرِيفِ الَّذِي وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَالْمَجَلَّةُ تُعَرِّفُ الْبَيِّنَةَ أَوْ الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: الْحُجَّةُ الْقَوِيَّةُ، والثَّانِي: هِيَ الْإِخْبَارُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ يَعْنِي بِقَوْلِ أَشْهَدُ بِإِثْبَاتِ حَقِّ أَحَدٍ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَمُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ فَكَمَا أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ يُقَامَانِ لِإِثْبَاتِ الِادِّعَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَيِّنَةٌ كَذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا حُجَّةٌ إلَّا أَنَّ أَسْبَابَ التَّسْمِيَةِ مُخْتَلِفَةٌ فَلِكَوْنِهَا تُشْعِرُ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي يُطْلَقُ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ وَلِكَوْنِ الْمُدَّعِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ يَتَغَلَّبُ فِيهَا عَلَى خَصْمِهِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا حُجَّةٌ (الْكُلِّيَّاتُ) .
إيضَاحُ الْقَوِيَّةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْقَوِيَّةِ الْمُتَعَدِّيَةِ أَيْ أَنَّهَا بِاعْتِبَارِهَا مُتَجَاوِزَةً وَسَارِيَةً عَلَى غَيْرِ الْمَحْكُومِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَيْضًا فَهِيَ قَوِيَّةٌ وَكَوْنُ الْبَيِّنَةِ حُجَّةً قَوِيَّةً وَمُتَعَدِّيَةً هُوَ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَكُونُ حُجَّةً إلَّا بِحُكْمِ الْقَاضِي فَإِذَا لَمْ تَتَّصِلْ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَلَا تَكُونُ حُجَّةً وَبِمَا أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي عَامَّةٌ فَهِيَ تَسْرِي وَتَتَعَدَّى عَلَى الْكُلِّ (الدُّرَرُ فِي الْإِقْرَارِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute