أَمَّا الْإِقْرَارُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيُذْكَرُ قَرِيبًا.
تَوْضِيحُ عَدَمِ صَيْرُورَةِ الْبَيِّنَةِ حُجَّةً إذَا لَمْ تَتَّصِلْ بِحُكْمِ الْقَاضِي: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ خُصُوصًا مَا مِنْ آخَرَ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَمَامَ الْقَاضِي شَهَادَةً مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى ثُمَّ لَمْ يُحْكَمْ فِي الْقَضِيَّةِ وَبَقِيَتْ الدَّعْوَى عَلَى حَالِهَا ثُمَّ نُصِّبَ قَاضٍ آخَرُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى ثَانِيَةً فِي الْخُصُوصِ الْمَذْكُورُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الثَّانِي فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ فَلَمْ يَشْهَدَا بِأَصْلِ الْمُدَّعَى بِهِ بَلْ شَهِدَا بِأَنَّ شَاهِدَيْنِ قَدْ شَهِدَا بِذَلِكَ الْخُصُوصِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ فَلَا تَثْبُتُ الدَّعْوَى بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى الَّذِي حُرِّرَ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ بِحُصُولِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ وَحَتَّى إنَّهُ جَرَى تَعْدِيلُهَا وَتَزْكِيَتُهَا فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ مَحْضَرًا ضَاعَ مِنْ دِيوَانِ الْقَاضِي وَفِيهِ شَهَادَةُ الشُّهُودِ بِحَقٍّ وَالْقَاضِي لَا يَذْكُرُ ذَلِكَ فَشَهِدَ عِنْدَهُ كَاتِبَانِ أَنَّ شُهُودَ هَذَا شَهِدُوا بِكَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَتَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْكَاتِبَيْنِ قَدْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ الشُّهُودِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ بَاطِلَةٌ لَا تُقْبَلُ بِدُونِ التَّحَمُّلِ تَقْسِيمُ التَّعْدِيَةِ - التَّعْدِيَةُ تَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: التَّعْدِيَةُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ، وَقَدْ فُصِّلَ ذَلِكَ شَرْحًا فِي الْمَادَّتَيْنِ (٧٨ و ١٦٤٢) وَلْنُوَضِّحْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا بِمِثَالٍ آخَرَ:
لَوْ أَقَامَ أَحَدٌ الدَّعْوَى عَلَى آخَرَ مُدَّعِيًا أَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُتَّصِلَ إلَيْهِ شِرَاءً مِنْ آخَرَ هُوَ مَالُهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَحُكِمَ لَهُ بِهِ بَعْدَ الْحَلِفِ فَبِهَذَا الْحُكْمِ يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَائِعُهُ مَحْكُومًا بِذَلِكَ الْحُكْمِ حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَحْكُومَ طَلَبَ الرُّجُوعَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ، وَالْمُشْتَرِي يَتَمَكَّنُ بِهَذَا الْحُكْمِ مِنْ اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي وَقَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَدْ وَقَعَ أَيْضًا عَلَى الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ فَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ يَسْرِي عَلَى ذِي الْيَدِ وَعَلَى الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ تَلَقَّى ذُو الْيَدِ الْمِلْكَ عَنْهُمْ وَهُوَ الْبَائِعُ لِذِي الْيَدِ وَالْبَائِعُ لَهُ فَيَسْرِي الْحُكْمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَلَا يَسْرِي هَذَا الْحُكْمُ عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ أَوْ غَيْرِ مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْمَالِ لِغَيْرِ ذِي الْيَدِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمِلْكُ مَعْدُومًا فِي حَقِّ شَخْصٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي حَقِّ شَخْصٍ آخَرَ (الْحَمَوِيُّ وَالْأَشْبَاهُ) .
وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٦١٨) بَعْضُ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَدِّيَةِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّعْدِيَةُ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ؛ وَهِيَ الْمَسَائِلُ السِّتُّ الْآتِيَةُ: (١) الْوَكَالَةُ.
(٢) الْحُرِّيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ.
(٣) النِّكَاحُ.
(٤) النَّسَبُ.
(٥) وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ.
(٦) الْوَقْفُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. الْوَكَالَةُ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِمُوَكِّلِي فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِك ثَلَاثِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute